اعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي، بن كسبيت، توقيت إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن الجولان السوري المحتل جزءا من إسرائيل، بمثابة محاولة لتخليص رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، من "الكارثة الإستراتيجية"، التي جاءت قبل انتخابات الكنيست بثلاثة أسابيع، وهي تفجر "قضية الغواصات" مجددا، وهي القضية التي ينظر عليها كـ"قضية الفساد الأخطر في تاريخ الدولة".
يشار إلى أنه بالرغم من تورط عدد من المقربين والقريبين من نتنياهو في القضية، إلا أنه لم يكن ضمن المشتبه بهم، بحسب قرار المستشار القضائي للحكومة. وانتهت التحقيقات في القضية دون إجراء تحقيق تحت طائلة التحذير مع نتنياهو. ولكن التطورات الأخيرة المفاجئة تفجر هذه القضية مجددا، لدرجة أن النيابة العامة تدرس إعادة فتح التحقيق فيها.
ويتوقع أن يتركز التحقيق في الأسهم التي كانت بحوزة نتنياهو في شركة للصلب، بالشراكة مع قريبه، رجل الأعمال الأميركي ناتان ميليكوفسكي. وبحسب بن كسبيت، في موقع "المونيتور"، فإن ذلك كان "آخر ما يحتاجه نتنياهو في أوج حملة انتخابية ليست سهلة، وفي مواجهة ثلاثة رؤساء أركان للجيش سابقين، والذين هم مطلعون على جوانب قضية الغواصات، ويعتبرون كسلطة أمنية، الأمر الذي جعل نتنياهو يفقد السيطرة على جدول أعماله، ويواجه موجة من النشر يوميا تجعل من الصعب عليه الخروج من مرمى النيران".
وحتى اليوم، فقد لجأ نتنياهو للرد على ذلك "بسلاحين إستراتيجيين"، لوقف تراجعه في الاستطلاعات: الأول هو قضية الهاتف الخليوي لخصمه، بيني غانتس، الذي يشتبه بأنه تم اختراق هاتفه من قبل إيران قبل نحو ستة شهور. وذهب نتنياهو بعيدا في ذلك إلى حد عقد مؤتمر صحفي، طالب فيه غانتس بالكشف عن محتويات الهاتف، وعن "المعلومات الحساسة" التي باتت بحوزة الإيرانيين، بحسبه.
وفي هذا السياق، أشار بن كسبيت إلى أن هذا السلاح لم يضف نقاطا لنتنياهو، حيث أنه ذكّر الجمهور الإسرائيلي بـ"إسراعه، قبل 26 عاما في كانون الثاني/ يناير عام 1993، إلى قاعة التلفزيون، حيث أقر بأنه خان زوجته، واشتكى من وقوعه تحت الابتزاز والتهديد".
أما "السلاح الإستراتيجي" الثاني، فهو الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حيث أنه في أوج عاصفة "قضية الغواصات" الجديدة، كتب في تغريدة على تويتر أنه حان الوقت لـ"الاعتراف بالسيادة الكاملة لإسرائيل على هضبة الجولان". ورغم أن ترامب ووزير خارجيته، مايك بومبيو، ينفيان تدخلهما في الانتخابات الإسرائيلية، إلا انه لا يوجد أي إسرائيلي لا ينسب هذا "الإنجاز" لنتنياهو ولعلاقاته الوثيقة مع البيت الأبيض.
علاوة على ذلك، فإن نتنياهو سيتوجه، مطلع الأسبوع، إلى واشنطن، ويلقي خطابا أمام "إيباك"، وبعدها سيتم استقباله في البيت الأبيض، ليقدم له ترامب هدايا أخرى.
وفي هذا الإطار، بحسب الكاتب، فإن الضغط الإسرائيلي يتركز في إمكانية إلغاء القيود التي فرضها القضاء الأميركي على الجاسوس جوناثان بولارد، والسماح له بالعودة إلى إسرائيل بطائرة رئيس الحكومة، الذي يحلم بتحقيق ذلك في مواجهة خصومه السياسيين كي يفوز في الانتخابات.
ويضيف أن ذلك سيكون صعبا في هذا المرة، حيث أنه تبين في قضية الغواصات أن نتنياهو هو الذي صادق للمستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، على بيع مصر غواصات متطورة من النوع الموجود لدى إسرائيل، رغم أن نتنياهو ينفي أن يكون قد فعل ذلك بدون معرفة الأجهزة الأمنية، في حين أن المرشح الرابع في قائمة "كاحول لافان" ورئيس أركان الجيش الأسبق، غابي أشكنازي، يقول إن نتنياهو قد مس بالتفوق الإستراتيجي لإسرائيل على جيرانها في البحر الأحمر، الأمر الذي يثير قلق الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
ويعتقد خصوم نتنياهو أن هناك علاقة بين المصادقة على بيع الغواصات لمصر، وبين قريبه الذي كان أحد الوسطاء في صفقات شركة "تيسنكروب" الألمانية المنتجة للسفن والغواصات.
يذكر في هذا السياق، أن شاهد الملك في قضية الغواصات، ميكي غانور، قد تراجع عن شهادته، وتدرس النيابة العامة إلغاء الاتفاق معه، الأمر الذي يسهل على المستشار القضائي للحكومة إعادة فتح التحقيق في القضية. وكتب بن كسبيت أن "هناك شعورا عاما لدى الجمهور بأنه من المحتمل أن تطمس القضية"، ورغم أنه لا يزال من الصعب ربط نتنياهو بالأحداث إلا أن "هناك إمكانية بأن يدفع ثمن ذلك في الانتخابات".
وأشار إلى أن النيابة تركز عملها الآن في فحص المستجدات في صفقات الغواصات، والأسهم التي كانت بحوزة نتنياهو في شركتي الصلب "سي دريفت" و"غراف تيك". كما يتم فحص حقيقة أن نتنياهو قد اشترى رزمة من الأسهم في شركة "سي دريفت" بمبلغ 600 ألف دولار عام 2007، وباعها بعد 3 سنوات بمبلغ 4.3 مليون دولار، علما أن وضع الشركة في حينه كان صعبا وكانت تتكبد خسائر بدل جني الأرباح. كما يجري فحص العلاقة بين "تيسنكروب" وبين "غراف تيك" التي اندمجت مع "سي دريفت" بعد وقت قصير من بيع نتنياهو للأسهم فيها لقريبه.
ويخلص بن كسبيت إلى أن "مشكلة نتنياهو هي أن الانتخابات ستجري بعد نحو أسبوعين، ولا يوجد قوة في العالم يمكنها إزالة الرائحة النتنة. ربما يكون ترامب فقط قادرا على ذلك".
التعليقات