أصبح مؤكّدا بأن الجنرال غانتس بشراكة لبيد وبقية الجنرالات سيحصلون على العدد الأكبر من المقاعد في الكنيست القادمة، وعلى هذا الأساس فإن رئيس الدولة سيتوجه أولا إلى الجنرال غانتس ويطلب منه تركيب حكومة برئاسته.
غانتس وبقية الجنرالات الذين كانوا رؤساء أركان حرب في فترة حكومة نتنياهو، لم ولن يتحولوا إلى حمائم سلام، ومن المستحيل أن يقبلوا بتشكيل حكومة تعتمد على أصوات العرب ولو من خارج الحكومة في ما تسمى "الكتلة المانعة"، هؤلاء الذين لم يحرّكوا ساكنا إزاء "قانون القومية" العنصري، اللهم إلا بالنيّة لتعديله ليتعامل بشكل أقل عنصرية مع من خدموا في الجيش فقط من غير اليهود، سيتهمهم الشارع الإسرائيلي بالخيانة العظمى، إذا ما فكروا بالاعتماد على أصوات النواب العرب، وهذا غير وارد في حساباتهم أصلا، وقد أعلن ذلك صراحة وبوضوح تام غانتس ولبيد وغيرهما من هذا التحالف، بأنهم لن يقيموا حكومة تعتمد على أصوات العرب.
يقترب بيبي نتنياهو من نهايته السياسية على الأقل كرئيس حكومة، وذلك أن المستشار القضائي يوصي بمحاكمته بشبهة تلقي وإعطاء الرشوة، ورغم أنه يستطيع الاستمرار كعضو كنيست حتى محاكمته، إلا أنه سيضعُف وكذلك كتلته، وإذا ما أدين في المحكمة بوصمة عار، فإنه قد يُسجن، ولو مع وقف التنفيذ، ولن يستطيع مواصلة عضويته في الكنيست، وسيضطر للابتعاد عن السياسة لبضع سنوات.
يحاول بيبي نتنياهو أن يلعب في الوقت الضائع، مستغلا وهم "الكتلة المانعة" مع العرب، ليخيف ويهيّج الجمهور ضد غانتس - لبيد، بينما غانتس وحلفاؤه بنفس يبعدون هذه الشبهة عن أنفسهم بقوة، إذا من أين لهم الأعضاء لتركيب حكومتهم؟
أكثر الاستبيانات ما زالت تعطي معسكر بيبي نتنياهو أكثر من معسكر غانتس، وفي أحسن الأحوال تعطي تعادلا، هذا على فرضية وضع العرب مقابل أحزاب المتدينين، علما أن المتدينين محسوبون على معسكر نتنياهو.
وبما أن الجمع بين لبيد العلماني والأحزاب الدينية بات مهمة صعبة جدًا بسبب خلافات جوهرية حول عطلة السبت وخدمة الحريديين في الجيش مثلا، فمن أين سيركّب غانتس حكومته؟
الحقيقة أن هنالك أحزابا مستعدة للدخول في ائتلاف مع غانتس - لبيد إضافة لـ"العمل" و"ميرتس"، وخصوصا بعد التوصية بتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، فما الذي سيمنع أحزابا مثل "كولانو" كحلون، وليبرمان، من دخول كتلة كهذه؟ إلا أن هذا لن يكفي، والأرجح هو الدعوة إلى حكومة "وحدة قومية"، بين الكتلتين الكبيرتين غانتس –لبيد و"الليكود"، هذا التوجه سيصبح أكثر واقعية بعد التوصية بتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، لأن "الليكود" سيضعف، وستتبخر آمال بيبي نتنياهو في العودة كرئيس حكومة مقبل.
يحاول بيبي اللعب في الوقت الضائع من خلال تصعيد التحريض على إيران، ومن خلال توثيق علاقته مع بوتين، والإعلان عن علاقات ممتازة مع بعض الدول العربية، و"فتوحاته" الدبلوماسية في أفريقيا، وإعلان خصم أموال الفلسطينيين بحجة ذهابها إلى عائلات أسرى وشهداء، إلا أن كل هذا لن يسعفه بعد تقديم لائحة اتهام ضده بشبهة الفساد والرشوة.
لقد جرت مياه كثيرة منذ حكومة رابين التي وقّعت "اتفاقيات أوسلو" مع المرحوم ياسر عرفات، حيث حسم الصوت العربي في دعم حكومة ذهبت إلى "اتفاقيات أوسلو"، كانت تلك أكثر حكومة يسارية في تاريخ إسرائيل، وكان حزب "ميرتس" أحد أعمدتها، وكان ما يسمى "تيار الحمائم" في حزب "العمل" مسيطرًا على الحزب، بينما لا يمكن أن نسمي حزب غانتس وشركائه من الجنرلات بأنهم في اليسار أو حتى المركز.
في السياسة الإسرائيلية ومركّباتها الحالية والماثلة في الأفق القريب، كل السيناريوهات ممكنة، باستثناء حكومة تعتمد على أصوات العرب، هذا يعرفه من يلوحون بـ"الجسم المانع" بمشاركة العرب.
أرجح الاحتمالات أن الحكومة القادمة ستكون حكومة "وحدة قومية"، مركزها الكتلتان الكبريان، غانتس - لبيد مع "الليكود"، شرط عدم وجود بيبي نتنياهو فيها، هذا ما يشترطه لبيد لدخول حكومة "وحدة قومية" مع "الليكود" إذا ما قدمت ضده لائحة اتهام، وهذا ما يحصل، كما يبدو.
اقرأ/ي أيضًا | هل وصلنا إلى مفترق الطرق؟
اقرأ/ي أيضًا | تحالف الموحدة والتجمع: انطلاقة قوية نحو أكبر تمثيل عربي
التعليقات