أفهم وأتفهم "فشة الخلق" ببعضنا البعض بعد كل جريمة قتل، وأتفهم كل منا وتهربه من مسؤوليته الشخصية، القائد، المربي، الوالد، المدير، العامل، الموظف، رجل الدين، الأم، المربية، الموظفة...
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
أفهم كيف "نأكل لحم" بعضنا البعض لأننا نقف عاجزين أمام حماية أولادنا، وأتفهم كيفما نرمي المسؤولية أحدنا على الآخر.
أفهم كيف نعد قتلانا بالمئات سنة وراء سنة، فلذات أكبادنا ونحن نقف متفرجين، وأتفهم كيفما نلاقي دائما الملاذ لأنفسنا بأن الأذى بعيد عنا وصعب أن يصلنا.
إن هيمنة الجريمة والقتل هي ليست وليدة صدفة، وإنما مخطط بدأ عندما انتزعت الدولة أو بالأحرى سرقت الدولة منا، أهم أساس لهويتنا الاجتماعية الفاضلة التي ترعرع عليها آباؤنا وأجدادنا، ألا وهي الأرض الأم الحنونة الرؤوفة منبع المال والاستقرار والحب، انتزعوها بهدف زعزعة هويتنا الوطنية الجامعة التي هي وفقط هي صمام الأمان أمام تفكك وتفتت هذا المجتمع.
ما وددت قوله وأعود وأكرره، ولا أريد أن أقنع أحدًا أن الجريمة المنظمة هي مخطط تسعى إليه الدولة ولحمايته بشتى الوسائل لأنه يخدم مصالحها. ما أردت أن أكرره هو أننا لن ننجو من هذه الآفة إلا إذا تصرفنا كشعب لمرة واحدة. قد لا نملك من أدوات النضال الفاعلة الكثير أمام حكومة إبادة لكل شيء عربي، إن لم نوجع المؤسسة بخطوات ممكن أن ندفع ثمنها كجماعة من أجل حماية أولادنا وأحفادنا، لأنه من البديهي أن النضال من أجل واقع أفضل له أثمان، وبالتأكيد لا يجدي اللطم والصراخ ورمي المسؤولية على الغير.
اعتقدنا في العقود الأخيرة، وتعودنا وتصرفنا، على أساس أن الخلاص الفردي الذي أنتجته الثقافة الرأسمالية هو خلاص دائم وثابت. لكن لا خلاص فردي ولا رفاهية فردية، إلا إذا أصلحنا البيئة القريبة والعامة، وهذا يحتاج إلى تكاتف الجميع، الطفل قبل الولد، والولد قبل الشاب، والطالبة قبل المربية، والجدة قبل الأم.
الخلاص الفردي رفاهية مؤقتة أمام بيئة موبوءة بشلال دم لا يتوقف، وهوية وطنية مشوهة.
التعليقات