أعلنت القناة الثانية عشرة الإسرائيليّة، أنّها حصلت على تسريبات من مسؤولين قالوا إنّ إسرائيل سوف تستخدم أسلحة لم تستخدمها في حروبها من قبل، وذلك في حالة اشتعال حرب واسعة النطاق وشاملة مع حزب اللّه، وسبب ذلك أنّ إسرائيل لا تستطيع خوض حرب طويلة الأمد، وتريد حسمها بسرعة، ولهذا فهي تهدّد باستعمال أسلحة لم تستعمل من قبل؟ فماذا عساه يكون هذا السلاح الّذي لم يستعمل من قبل؟ ويمكنه حسم الحرب بسرعة؟
لا يمكن تخيّل استعمال أيّ دولة لأسلحة دمار شامل إلّا في حالة واحدة، وهي إذا رأى قادتها، أنّ الدولة كلّها تتعرّض للانهيار، وأنّه لا مجال لإنقاذها إلّا باستعمال سلاح غير تقليديّ لإضعاف العدوّ، أو طعنه في الظهر كما فعلت أميركا ضدّ اليابان في الحرب العالميّة الثانية بإلقاء قنبلتين نوويّتين على مدينتين أدّت إلى استسلام اليابان.
هذا التهديد يحمل عدّة أوجه، أوّلًا هو ردّ على تصريح حسن نصر اللّه في خطابه الأخير بأنّ احتلال الجليل وارد في حالة نشوب حرب شاملة.
أي أنّه تحذير له من القيام بهذه الخطوة، لأنّ الردّ سيكون بسلاح غير تقليديّ يحسم الحرب.
كذلك قد يقصد من هذا التسريب الضغط على أمريكا الّتي يقال إنّها تتباطأ في تزويد إسرائيل بالأسلحة التقليديّة الّتي زوّدتها بها حتّى الآن، في حربها على قطاع غزّة.
أي أنّه إذا لم يتوفّر السلاح التقليديّ الّذي تريده إسرائيل بالنوعيّات والكمّيّات الّتي تطلبها وتحتاجها من غير تباطؤ، فليس من المستبعد أن تلجأ إلى ما في ترسانتها من أسلحة غير تقليديّة.
كذلك قد يكون هذا المسرب على دراية في ما يجري، ويعرف أنّ نتنياهو ومن هم حوله يستعدّون لحرب واسعة، ويريد بهذا التنبيه وخصوصًا أميركا بأن تلقي بكلّ ثقلها لمنع فتح حرب شاملة؛ لأنّها ستؤدّي إلى نتائج كارثيّة، على الجميع.
وعلى سبيل الردع نوّه رئيس أركان الجيش الأمريكيّ تشارلز براون بأنّ أميركا لن تكون قادرة على الدفاع عن إسرائيل خلال حرب شاملة مع حزب اللّه مثلما دافعت عنها في مواجهة صواريخ إيران واليمن بعيدة المدى، وذلك لأنّ صواريخ حزب اللّه قريبة من الحدود، ولا تحتاج سوى بضع ثوان للوصول إلى أهدافها.
تصريح رئيس الأركان الأميركيّ هو محاولة لردع إسرائيل عن فتح حرب شاملة لا تريدها الولايات المتّحدة، لأنّها لا ترى بأنّ حربًا كهذه تخدم سياستها وخططها ومصالحها القائمة على بناء تحالف الدول الدائرة في فلكها في مواجهة إيران، بينما اشتعال حرب شاملة بين إسرائيل وحزب اللّه قد يجرّ إيران وأذرعها إلى أتون الصراع ضدّ إسرائيل، وفي الوقت ذاته لا يترك هامشًا للمناورة لحلفاء أمريكا من العرب، وخصوصًا أنّ الحرب على حزب اللّه الآن تأتي بعد مناصرة حزب اللّه ودعمه للمقاومة الفلسطينيّة، الأمر الّذي يعني تعاطفًا كبيرًا معه في كلّ العالم العربيّ والإسلاميّ، وترى إدارة بايدن أنّ سياسة نتنياهو متأثّرة جدًّا بمصلحته الشخصيّة، وليست خالصة لأجل مصلحة إسرائيل.
من ناحيته لن يتقبّل نتنياهو، ولا يستطيع تقبّل استمرار الوضع الحاليّ على الجبهة الشماليّة، الّذي بات يعني فرض معادلات جديدة في المنطقة، فهو لن يتقبّل توقّف المواجهة مع حزب اللّه بمجرّد وقف الحرب على غزّة، الأمر الّذي يعني تحقّق شروط حزب اللّه وانتصار موقفه، هذه أوراق لن يسمح نتنياهو لحزب اللّه أن يربحها، لأنّها تعني بأنّ الردع الإسرائيليّ لم يعد قائمًا، وهذه خسارة كبيرة لنتنياهو.
يتحاذق نتنياهو بأنّه سيعلن النصر على حماس، ومن ثمّ انتهاء العمليّات العسكريّة الكبيرة، والمقصود بعمليّات الحرب الشاملة، والانتقال إلى مرحلة الاغتيالات والعمليّات العينيّة والتدخّل الخاطف في حال ظهور هدف.
وعمليًّا، فهو يقول لجو بايدن إنّه حقّق له ما طلب منه، بوقف الحرب الشاملة والاكتفاء بالعمليّات النوعيّة الدقيقة الّتي طلبها بايدن، وفي الوقت ذاته، فإنّه يستمرّ في الغارات، وفي حصار قطاع غزّة، وخصوصًا منطقة الشمال، حيث بات الجوع هو الخطر الّذي يتهدّد حياة عشرات آلاف المحاصرين، أي أنّه سيدّعي انتهاء الحرب من جهة، ويواصلها في الوقت ذاته.
نتنياهو يمنح نفسه شرعيّة شنّ حرب واسعة على حزب اللّه، ولكنّه يريدها ضربة سريعة تقوّض قدرات الحزب من خلال استخدام أسلحة غير تقليديّة ومدمّرة على نطاق واسع، ويبدو أنّ مطار بيروت الدوليّ في بنك الأهداف الإسرائيليّ، فقد بدأ التحريض على المطار كمخزن سلاح لحزب اللّه بحسب صحيفة الديلي تلغراف، وهو تحريض ليس جديدًا على المطار، وعلى لبنان كلّه، ولكنّه يأتي كتوطئة لعمل عسكريّ كبير وغير تقليديّ محتمل في حالة اتّساع رقعة الحرب.
التعليقات