عقد في اتحاد مدن جودة البيئة لحوض البطوف في سخنين، أمس السبت، مؤتمر 'هدم البيوت وأثره على النساء ودورهن بالتصدي'، وذلك بمبادرة كل من جمعية 'الزهراء للنهوض بمكانة المرأة' و'نساء ضد العنف' وبشراكة مع 'تغيير'، 'أجيك'، وجمعية 'الانتماء والأمل'، وبحضور النائبة عايدة توما سليمان، وكوكبة من ممثلي الجمعيات الشريكة، والعائلات العربية المتضررة من سياسة هدم المنازل من قلنسوة والمغار وأم الحيران.
افتتحت المؤتمر عضوة جمعية نساء ضد العنف، رشا عيساوي، مؤكدة على أهمية وضرورة إسماع صوت النساء المتضررات من سياسات هدم البيوت.
وكانت الكلمة الأولى للبلد المضيف حيث ألقتها مديرة جمعية الزهراء للنهوض بمكانة المرأة، وفاء شاهين طراد، ورحبت بكل من شارك بهذا المؤتمر، مؤكدة 'الوقوف إلى جانب المرأة والعائلة العربية التي تتعرض للاقتلاع من خلال هدم المنازل وتشريد أفرادها، لتكون الحكومة وأذرعها قد نفذت مخططاتها الخبيثة'.
وأكدت أن 'هذا المؤتمر جاء لإسماع صوت النساء اللواتي هدمت بيوتهن وحرمانهن من حق أساسي للعيش بكرامة وأمان، وأهمية طرح قضاياهن على أجندة العمل المحلية والمحافل الدولية، والتأكيد على دور النساء في أن يكن في الصفوف الأمامية، للمواجهة أمام الممارسات الحكومية الجائرة'.
وبعثت رئيسة لجنة مكانة المرأة والمساواة الجندرية في الكنيست، النائبة عايدة توما سليمان، بالتعازي للأهل في الطيبة بوفاة الشخصية الوطنية د. زهير الطيبي والذي يشهد له القاصي والداني قيادته لمعركة الأرض والمسكن من خلال اللجنة الشعبية في مدينة الطيبة لسنوات، وتطرقت إلى أهم معالم التمييز العنصري للحكومات الاسرائيلية المتعاقبة وخاصة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو والتي تعتبر العربي في هذه البلاد كعدو وليس كمواطن متساو الحقوق، وعرجت على ما تعرض له الأهل في أم الحيران والعراقيب وقلنسوة، والتي فضحت سياسة الحكومة في قضية هدم المنازل العربية وإتباع سياسة الترحيل القسري في سبيل تسكين مستوطنين بدلا منهم.
وتولت نوال حنيف من جمعية الزهراء عرافة الجلسة الأولى بعنوان 'صوت النساء وإحضار قضاياهن'، بمشاركة مريم أبو القيعان بالاتصال بها هاتفيا، والتي أكدت أن 'النساء في النقب يتمثل حلمهن وطموحهن العيش على أرضهم بأمن وأمان في منازلهن، ودون تهديدات متلاحقة لهم وأنهن لا يمكنهن الصمت والوقوف في ظل ما يتعرض له البشر والأرض والمسكن من أساليب لانتزاعها من أصحابها الشرعيين، وأن المرارة تزداد يوما بعد يوم في ظل الغرامات الباهظة التي تفرض على السكان من أجل اغتيال العزيمة'.
وتطرقت صاحبة منزل تعرض للهدم من قلنسوة، ماجدة مخلوف، إلى قضية الربط بين هدم البيوت في قلنسوة وقضية مستوطنة 'عمونا'، كونها قضية متشابهة تتعلق بقضية المسكن والأرض، وقالت إن 'نتنياهو أراد تسجيل فوز ليلفت انتباه الإسرائيليين، فكان هذا على حساب عائلات عربية، تتخبط بسلسلة من الالتزامات، ليتبين أن أصحاب البيوت ما زالوا يسددون القروض التي التزموا بها في سبيل بناء عش الزوجية، ناهيك عن استفزاز الجنود لأهل المدينة، ورفع فوهات البنادق في وجوه النساء والأطفال لإرهابهم ومنعهم الدفاع عن مساكنهم'.
وقالت الناشطة الاجتماعية وسكرتيرة حركة النساء الديمقراطيات في المغار، حلوة عساقلة، إن 'الحديث عن 200-300 بيتا في المغار غير مرخصة وقد تكون مهددة في أي لحظة للهدم، لكن وحدة أهل البلد منعوا الهدم بوحدتهم'.
أما الجلسة الثانية فكانت تحت عنوان 'أثر الهدم على النساء ودورهن بالتخطيط'، بعرافة سوسن توما شقحة من جمعية نساء ضد العنف ومشاركة د. نهاية داوود وهي محاضرة كبيرة قسم الصحة العامة، كلية العلوم الصحية بجامعة 'بن غوريون' في النقب، وتحدثت عن الحق في المسكن وهدم البيوت والصحة النفسية للنساء في النقب وعرضت ورقة لدراسة قامت بها بشراكة مع د. يوسف جبارين عن الجانبين القانوني والصحي إثر هدم البيوت في المجتمع العربي، وأثره على النساء في النقب من وجهة نظر حقوقية، باعتبار أن المسكن حق أساسي من حقوق الإنسان ومقارنة الحق في المسكن عند الشعوب الأصلانية في العالم، العلاقة بين المسكن والصحة وتأثير ذلك على الأشخاص الذين لا يملكون المسكن أو يعيشون في بيوت غير صالحة للسكن، واعتبار أن النساء الأكثر عرضة للصدمة وللأمراض النفسية عند فقدان البيت نتيجة هدمه. واستعرضت وضع القرى غير معترف بها في النقب وما يرافقها من ارتفاع مستمر لهدم آلاف البيوت في النقب حيث أظهرت الإحصائيات أن ثلث النساء المشاركات في الدراسة بيوتهن معرضة للهدم مما يرفع نسبة الاكتئاب عند هذه العائلات، والتي تأتي بسبب التهديد الحقيقي بالهدم، والهدم بدون سابق إنذار، وعدم وجود دعم مجتمعي لأن الجميع يشعر بالتهديد، وكون الشرطة تستخدم العنف أثناء الهدم، ومن شأن ذلك فقدان السيطرة على زمام الأمور في البيت، وهدم البيوت سيؤدي إلى عدم استثمار العائلة للبيت، الأمر الذي سيتسبب بتردي أوضاع الأطفال الصحية وسيؤثر على وظيفة النساء.
أما مداخلة د. سناء خشيبون فكانت بعنوان 'أهمية البيت وتأثير فقدانه على العائلات الفلسطينية في القدس' وتحدثت عن تأثير الهدم حال وقوعه وأهمية البيت كأساس لبناء الحياة، وفقدانه كفقدان إنسان عزيز، وأن انتظار الهدم شعور بالموت البطيء إلى جانب انعدام التكافل والترابط العائلي، التوجه للدين أكثر والمحاولة للتأقلم من جديد من خلال دعم مجتمعي لمن يتعرضون للهدم، ناهيك عن أن الهدم قد يؤدي لمشاكل بين الزوجين ومشاكل عائلية واجتماعية أخرى.
وتطرقت د. عناية بنا جريس لقضية شائكة تقع تحت اهتمام كل فرد وبلد بأمور التخطيط والبناء في البلدات العربية وخطورة تلك المخططات التي تهتم بالبناء والتطوير بمعزل عن إشراك السكان الذين هم أصحاب الشأن، وأهمية الدور الملقى على عاتق اللجان الشعبية في كل بلدة وبلدة بعملية التخطيط وتنظيم النضال المشروع وليس فقط بالشعارات بل بالخطوات العملية، والنضال الشعبي والنضال المهني، والدمج بين الصوت الشعبي والمهني، وكانت تجربة مهمة في الطيبة كنموذج وكان لها أثر مهم جدا على الخارطة الهيكلية، وإشراك الجمهور في اتخاذ القرار بالتخطيط بجميع المستويات في ظل ما يعاني منه المجتمع العربي من نقص بالتخطيط الجيد لمناطق عامة ومساكن مناسبة للعيش.
وتضمنت الجلسة الثالثة عنوان 'الحراكات ودورها في مواجهة هدم البيوت' أدارها مدير جمعية انتماء وأمل، المحامي أحمد غزاوي، بمشاركة مديرة جمعية نساء ضد العنف، نائلة عواد راشد، وعضو اللجنة الشعبية في سخنين، المحامي محمود شاهين، والناشطة النسائية من النقب التي تدعم نضال أهل النقب، يعالا رعنان.
ووجهت نائلة عواد الدعوة لتأسيس لجنة طوارئ قطرية عربية لمجابهة حالات الهدم في القرى والمدن العربية والدعوة للنضال الشعبي والنزول إلى الشوارع بموازاة الدعوة لتمثيل قضايا على الصعيد الدولي لانتزاع الحقوق إلى جانب العمل على تمثيل النساء في كل المحافل.
أما المحامي محمود شاهين فتطرق إلى مخطط 'برافر' ومخطط 'كمينتس' الخطيرين على مستقبل ما تبقى من أراضي البلدات العربية، وضرورة رفع وتيرة تمثيل النساء في اللجان الشعبية، مستعرضا عمل اللجنة الشعبية في سخنين والتي تقف إلى جانب العائلات المتضررة في قضايا اجتماعية وسياسية وتقود العمل النضالي، داعيا إلى 'ضرورة وجود صوت المرأة في هذه اللجان الشعبية التي تنبثق عن الحركات والأحزاب الوطنية في المجتمع العربي'.
ودعت يعالا رعنان إلى تكثيف التواجد النسوي في ساحات النضال والوقوف إلى جانب الضحية ومؤازرتها في كل حادثة هدم تتعرض لها العائلات العربية وخاصة في النقب، كونها مشاركة في أغلبية النضالات هناك وقد تعرضت مرتين للاعتقال، مؤكدة أن 'إسرائيل اليوم تحارب فلسطين من خلال هدم البيوت العربية وهو أمر مبالغ به إذ وصل عدد المنازل التي تهدم بالسنة ما يقارب الألف بيت، ولا يمكن المجابهة إلا بالشراكة مع قوى يهودية تؤمن بموقف الجماهير العربية، وعندها يمكن تمرير الرسالة للأصدقاء والمعارف اليهود، ليكونوا شركاء في النضال'.
اقرأ/ي أيضًا | البعنة: ندوة سياسية حول قانون حظر الأذان
هذا، وكانت المداخلة الأخيرة لممثلة جمعية أجيك، روز عامر، والتي لخصت عمل المؤتمر مؤكدة أنه 'أدى الرسالة التي أقيم بشأنها، ولا يمكن الفصل بين قضية الشعب الفلسطيني وقضية الهدم، وإسرائيل تحاربنا بالهدم وسياسة التضييق وسلب الأراضي باعتبارنا امتداد للشعب الفلسطيني، في القدس والضفة وغزة وفي الداخل، ولا يمكننا أن نضيع البوصلة، بأننا شعب أصلاني هنا على أرضنا'.
التعليقات