تقرير: مقترح ترامب لتهجير الغزيين "تهديد وجودي" للأردن

يبدو أن مخطط الترانسفير الذي يروج له الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، لا يقتصر على إعادة تشكيل خريطة غزة سياسيًا، بل يضع الأردن أمام "تهديد وجودي" يمس استقراره وهويته الوطنية، وفق تحذيرات خبراء وسياسيين أردنيين.

تقرير: مقترح ترامب لتهجير الغزيين

مظاهرة مناصرة للفلسطينيين في عمان (Getty Images)

يشكّل اقتراح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتهجير سكان قطاع غزة وإعادة توطين جزء منهم إلى الأردن "تهديدا وجوديا" للمملكة يشمل الاستقرار الأهلي والمساعدات الأميركية الثمينة للبلد الصغير، وفق ما يقول محللون.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

وشدد مدير مركز "القدس للدراسات السياسية" في عمان، عريب الرنتاوي، على أن "هذا المشروع لا يستهدف فقط القضاء على الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني على أرضه، وإنما أيضا يمسّ بالأمن والاستقرار والهوية والكيان في الأردن".

وأضاف، في تصريحات لـ"فرانس برس"، أنه "في الأردن، نتحدث عن تهديد وجودي لا عن تهديد أمني. قد لا يبقى أردن إذا تمّ مشروع التهجير، وسينتقل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بكل زخمه ليصبح ربما صراعا أردنيا داخليا".

وكثّف العاهل الأردني عبد الله الثاني، الأربعاء، اتصالاته الدبلوماسية لتأكيد موقف بلاده الرافض للمشروع الأميركي، وذلك قبل أيام من لقائه دونالد ترامب في البيت الأبيض في 11 شباط/ فبراير المقبل، بناء على دعوة من هذا الأخير.

وكشف ترامب، فجر الأربعاء، عن مشروع يقضي بسيطرة بلاده على قطاع غزة المدمّر جراء 15 شهرا من الحرب الإبادة الإسرائيلية، وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". وقال إنه يريد أن يصبح القطاع "ملكية أميركية" لفترة طويلة.

"وصفة للخراب"

وكان ترامب قد دعا في وقت سابق الأردن ومصر إلى استقبال سكان قطاع غزة على أرضهما. ولاقى اقتراح ترامب صدمة واستهجانا بين الفلسطينيين وفي العالم. وشدد الرنتاوي على أن "هذه وصفة للخراب، وليس وصفة للاستقرار والسلام".

وقال وزير الإعلام الأردني الأسبق، سميح المعايطة، إن "هذا انتحار سياسي للدولتين (مصر والأردن)؛ لأنهما ستتهمان بالتواطؤ وتصفية القضية الفلسطينية"، مضيفا "بالنسبة إلى الأردن، هذا يخلّ بالتركيبة السكانية والمعادلة السياسية، ويدمّر هويتنا الوطنية".

ويؤرق هاجس أن يصبح الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين، كما ينادي بذلك بعض المتطرفين في إسرائيل، عددا كبيرا من الأردنيين.

وتساءل الرنتاوي "من أعطى ترامب صلاحية أخلاقية وقانونية وسياسية كي يضع يده على غزة، ويتملكّها ويستثمر فيها؟ إنه يتحدث عن غزة وكأنه مطوّر موقع عقاري، وليس كرئيس دولة" عظمى.

المساعدات الأميركية في الميزان

وقال إن "المشروع خطير"، و"تداعياته لا تقدّر بأموال المساعدات التي تقدّم للأردن أو مصر"، علما بأن الاقتصاد في الأردن، يعتمد إلى حدّ كبير على مساعدات دولية النسبة الأكبر منها من الولايات المتحدة الأميركية.

عمان (Getty Images)

وخلال السنوات الأخيرة، بلغت المساعدات الأميركية السنوية للأردن حوالي 750 مليون دولار لدعم الاقتصاد وحوالي 350 مليون دولار كمساعدات عسكرية.

وعن لقاء العاهل الأردني المرتقب مع ترامب، قال الرنتاوي "لا خيار أمام الملك سوى رفض هذا المشروع بشكل مطلق. هذا ليس أمرا يمكن الحديث فيه وليس قابلا للتفاوض. الملك نفسه سبق أن قال ‘هذا خط أحمر‘ وأنا أعتقد أنه خط أحمر عريض، وفيه لعب بالنار".

وأضاف "يريد ترامب أن نبيع الأردن مقابل المليار ونصف مليار من المساعدات" الأميركية.

وحول احتمال وقف المساعدات الأميركية للأردن، يقول النائب الأردني مصطفى العماوي إن "هذه المنح والمساعدات ليست منة، وإنما هناك اتفاقية موقعة مع الولايات المتحدة تنتهي عام 2029، وإيقافها أمر مستهجن ومستغرب من دولة عظمى".

وأضاف "لكن إذا كان الموضوع موضوع مقايضة، فنحن لن نقبل هذه المساعدات". وقال المعايطة "صحيح أن الأردن سيتأثر بقرار قطع المساعدات إن حصل، ولكن هذا لا يستحق أن نقايض".

تحرك برلماني لمواجهة المخطط

ودفعت المخاوف من ممارسة ضغوط على الأردن من أجل القبول بالخطة نوابا إلى إعداد مشروع قانون سيطرح على البرلمان وينص على "عدم المساس بالوحدة الوطنية والتأكيد على سيادة الأردن (...) والرفض الكامل الرسمي والشعبي الأردني للتهجير الفلسطيني إلى الأردن كوطن بديل".

وقال العماوي "البرلمان يقف مع الملك، ويرفض رفضا قاطعا ما صدر عن الرئيس الأميركي في ما يتعلق بتهجير الغزيين من ديارهم إلى الأردن أو مصر، أو إلى أي دولة أخرى".

فيما خلص الرنتاوي إلى أن "على الأردن أن يقلب الطاولة بدءا من العلاقة مع إسرائيل والقواعد الأميركية إذا أصرّ ترامب على موقفه، ولم يتمّ إسقاط هذا المشروع".

التعليقات