24/12/2020 - 19:24

من شارون إلى ساعر: انقسامات الليكود تضاعف قوة اليمين

تتنبأ الاستطلاعات تشكل الكنيست المقبلة من 80 عضو كنيست من اليمين، وأن تجري المنافسة الرئيسية بين أقطابه، وهي منافسة يغدو معها تشكيل حكومة حتى مع لبيد، بمثابة "وصمة عار" في جبين ساعر، الذي سيحاول تحاشيها قدر الإمكان.

من شارون إلى ساعر: انقسامات الليكود تضاعف قوة اليمين

في انتخابات الكنيست عام 2006، فاز بـ29 مقعدًا حزب "كاديما" المنشق عن الليكود، الذي أسسه رئيس الحكومة في حينه، أريئيل شارون، عام 2005 على خلفية فشله في تمرير خطة فك الارتباط عن غزة في مركز الليكود، وحصل الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو في تلك الانتخابات على 12 مقعدًا فقط.

وقد شكل انشقاق شارون، في حينه، حدثًا فريدًا في السياسة الإسرائيلية وربما العامة أيضًا، بانشقاق رئيس حكومة عن حزبه خلال فترة ولايته وإقدامه على تشكيل حزب جديد. وكما هو معروف، فإن القدر لم يمهل شارون حتى يحصد إنجاز حزبه الذي تزعمه لاحقًا إيهود أولمرت، وحظي بفوز انتخابات 2006 ورئس الحكومة الإسرائيلية التي نتجت عنها.

حكومة "كاديما" التي نفذت بقيادة شارون خطة فك الارتباط عن غزة، شنت بقيادة أولمرت الحرب على لبنان التي أدت نتائجها إلى تشكيل لجنة تحقيق، أفضت لاحقًا إلى استقالة أولمرت من رئاسة الحكومة وتزعم تسيبي لفني (الليكودية سابقًا) للحزب في انتخابات 2009، وحصل فيها "كاديما" على 28 مقعدًا، مقابل ارتفاع الليكود بزعامة نتنياهو إلى 27 مقعدًا، ونجاحه في تشكيل الحكومة مدعومًا بأصوات الأحزاب الدينية.

نسوق ذلك لنقول إنها ليست المرة الأولى التي تجري فيها الانتخابات في إسرائيل بين اليمين واليمين، بعد أن ينشق اليمين على نفسه ويجرف أصوات ما يسمى بـ"اليسار" كما حصل في عهد "كاديما"، ويحصل اليوم مع حزب غدعون ساعر الذي بالرغم من انشقاقه عن الليكود ومن كونه "رمز يميني معروف"، فإنه يجرف وفق كل الاستطلاعات الأخيرة أصوات ما يسمى اليسار – الوسط، دون أن يؤثر بشكل جدي على قوة الليكود الذي خرج منه هو ومجموعته.

ووفق ما تظهر استطلاعات الرأي، فإن حزب ساعر يستند إلى أنقاض حزب "كاحول لافان"، الذي يتأرجح في الانتخابات المقبلة حول نسبة الحسم، بعد أن كان الحزب المنافس على رئاسة الحكومة. كما يجرف أصوات حزب العمل الذي لن يعبر نسبة الحسم، فيما يلامس بشكل طفيف أطراف "يش عتيد" برئاسة يائير لبيد و"يمينا" برئاسة نفتالي بينيت.

وإذا كانت "كاديما" قد زينت، في حينه، تشكيلتها ببعض رموز حزب العمل مثل شمعون بيرس وحاييم رامون وداليا إيتسيك، فإن حزب ساعر الذي انضم إليه مؤخرا الوزير زئيف إلكين، هو حزب يميني ليكودي صرف، ربما يتزين لاحقًا بجنرال أو أكثر على غرار رئيس أركان الجيش السابق، غادي أيزنكوت، كما أنه بعيد عن أن يشبه حزب موشيه كاحلون "المعتدل" (حزب "كولانو")، الذي سبق أن انشق عن الليكود وانضم إلى ائتلاف حكومة نتنياهو الثالثة وزيرا للمالية، ثم عاد واندمج بالليكود في الانتخابات التالية.

ليس غريبًا والحال كذلك أن تتنبأ الاستطلاعات تشكل الكنيست المقبلة من 80 عضو كنيست من اليمين، وأن تجري المنافسة الرئيسية بين أقطابه، وهي منافسة يغدو معها تشكيل حكومة حتى مع لبيد، بمثابة "وصمة عار" في جبين ساعر، الذي سيحاول تحاشيها قدر الإمكان.

في ضوء هذا الوضوح، تصبح "تخريجات" منصور عباس (الإسلامية الجنوبية) أقوال حق وإن أريد بها باطل؛ لا مجال بعد للاختيار بين السيء والأسوأ، وهي المعادلة التي ربما كانت صالحة زمن إسحاق رابين وسحبناها عنوة على عهد بيرس وإيهود براك، وأخيرًا بالتوصية على بيني غانتس، وكلهم قلبوا لنا ظهر المجن.

كذلك يصبح حال تصويت شق المشتركة على قانون "كاحول لافان" (شق وزير القضاء من "كاحول لافان"، أفي نيسنكورن) لحل الكنيست بدعوى إسقاط حكومة نتنياهو، رغم علمنا بما ستجلبه لنا وعلينا الانتخابات المقبلة، ليس بأفضل من حال امتناع شق المشتركة الآخر (نواب الإسلامية الجنوبية) عن التصويت لمساعدة نتنياهو على البقاء، خاصة وأن البيانات المتضاربة (بين المشتركة وعباس) المتعلقة بإنجازات وهمية ينسبها كل طرف لنفسه، هي ثمن لهذه المواقف، هو شيء مثير للاشمئزاز.

ربما تكون الانتخابات القريبة مناسبة للقائمة المشتركة بكل مركباتها لإجراء مراجعة شاملة لمسيرتها ومواقفها، والاعتراف بجرأة بأن الموقف المتعلق بالتوصية على غانتس كان خطأ إستراتيجيًا، وأن هذه التوصية شكلت مساهمة في إقامة حكومة "الوحدة الوطنية" برئاسة نتنياهو بدلا من إسقاطه، وهو موقف تواصل بالتذيل لبقايا اليسار - الوسط ممن بقوا خارج الحكومة، وصولًا إلى الخائبين من الشراكة في حكومة نتنياهو، عوضًا عن اتخاذ موقف مستقل يبرز أجندتنا السياسية التي تحتل قضية شعبنا سلم أولوياتها.

وبلا شك، فإن التوصية الخاطئة على غانتس هي نتاج الشعار الخاطئ الذي تبنته المشتركة، أسوة بباقي أطراف معسكر ما يسمى اليسار – الوسط والمتعلق بإسقاط نتنياهو، وهو شعار بات معه كل شيء حلال حتى التوصية على مجرم حرب، لم يطرأ أي تحول على جلده السياسي.

في المحصلة، أدى هذا الشعار حتى الآن إلى تكريس حكم نتنياهو بدلًا من إسقاطه، وإلى إفراغ برنامجنا وشعاراتنا الانتخابية من المضمون والثوابت السياسية، وقد يفضي بنا إلى تحليل التوصية على غدعون ساعر في الانتخابات القريبة، مثلما جرى تحليل التوصية على غانتس في الانتخابات السابقة.

التعليقات