انتهاء التحقيقات مع بروفيسور نادرة شلهوب - كفوركيان

شدّدت بروفيسور نادرة شلهوب - كفوركيان على "ضرورة الاستمرار في التصدّي لسياسة تكميم الأفواه والترهيب التي تنتهجها إسرائيل منذ 7.10.2023 والواجب الأخلاقيّ للعمل على وقف الحرب الإسرائيليّة والإبادة الجماعيّة في قطاع غزّة".

انتهاء التحقيقات مع بروفيسور نادرة شلهوب - كفوركيان

المحاضرة نادرة شلهوب كيفوركيان

أنهت الشرطة الإسرائيلية بعد ظهر اليوم، الخميس، تحقيقها الرابع والأخير مع بروفيسور نادرة شلهوب كفوركيان.

وكانت سلسة التحقيقات هذه قد بدأت في وقت سابق من الشهر الماضي وبالتحديد يوم 18 نيسان/ ابريل عندما قامت الشرطة باعتقال بروفيسور نادرة شلهوب – كفوركيان من بيتها في القدس واقتيادها للتحقيق في شرطة "ميفاسيرت تسيون" في القدس، بعد حضور قوة من الشرطة وبدون إبلاغ مسبق إلى بيتها، واعتقلتها وصادرت الهاتف الخليوي والحاسوب المحمول وبعض المخطوطات لمحمود درويش وكتابا باللغة العبرية صادرا عن "المعهد الإسرائيلي للديموقراطية" للمؤلف مردخاي كريمنتسير.

وتبين لاحقا أنّ الشرطة كانت قد حصلت على أمر اعتقال مسبق، وأمر تفتيش من قبل قاضٍ بمحكمة الصلح بالقدس. وفي نهاية التحقيق معها، أُحضرت صبيحة اليوم التالي للمثول أمام المحكمة بهدف تمديد اعتقالها على ذمة التحقيق لمدة 7 أيام، وهو طلب رفضته المحكمة عندما أمرت بإطلاق سراحها لعدم توافر أسباب للاعتقال. ويذكر أن الشرطة قامت بالاستئناف على هذا القرار أمام المحكمة المركزية بالقدس، والتي بدورها رفضت الاستئناف وقامت بالتأكيد على قرار محكمة الصلح بتسريحها بشكل فوري.

وعلى الرغم من ذلك، واصلت الشرطة ملاحقتها للمحاضرة شلهوب - كفوركيان، إذ قامت باستدعائها لثلاثة تحقيقات أخرى كان آخرها اليوم.

ووفق ما أفاد به المحامي الموكل بالدفاع عن شلهوب - كفوركيان، علاء محاجنة، فإنّ "التحقيقات تركزت على مقابلة أجرتها شلهوب مع بودكاست المقدسي، تم بثها في بداية شهر آذار/ مارس الماضي، عرضت فيه نتائج أبحاث ودراسات أكاديمية أجرتها خلال عملها كمحاضرة في الجامعة العبرية".

وأضاف أنه "خلال التحقيقات التي أجريت معها، تم توجيه إليها تهم بالتحريض على العنصرية والعنف والإرهاب وأيضا تهمة التضامن مع منظمة إرهابية من خلال نشر مديح أو دعم أو تماه مع منظمة إرهابية، علما أن النائب العام قد صادق على بدء تحقيق معها فقط بشبهات تتعلق بالتحريض. وخلال التحقيقات تم توجيه أسئلة لها تتعلّق بمواضيع سياسية مثل مكانة القدس وفق القانون الدولي، وسياسات إسرائيل في القدس المحتلة، وعن حملات الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة منذ أكثر من 200 يوم، وعن مصادر معلوماتها في الأبحاث التي أجرتها ومواضيع سياسية عديدة أخرى بالإضافة لمصطلحات أكاديمية وردت في أبحاثها".

وأشار محاجنة إلى أن "الشرطة تدّعي أن الأبحاث التي أجرتها شلهوب تحرّض على العنف والعنصرية وأن حديثها من خلال البودكاست يعتبر نشرا ترى فيه تماهيا مع منظمة إرهابية".

وفي مجمل تعليقه على التحقيقات، أفاد محاجنة بأنّ "التحقيقات وحملة الملاحقة برمتها سياسية في جوهرها، وتأتي بتوجيه مباشر من الوزير المكلف والمسؤول عن الشرطة، إيتمار بن غفير، وهي غير مسبوقة على اعتبار أنّ هذه المرة الأولى التي يتم فيها التحقيق مع أكاديمي بخصوص أبحاث أجراها، وتم نشرها في دوريات مرموقة تصدر عن جامعات عالمية لها اسمها وثقلها في المجال الأكاديمي. وخلال التحقيقات تم توجيه أسئلة بخصوص هذه الأبحاث والطلب منها تفسير نظريات ومصطلحات تفتقر الشرطة الأساسيات الفكرية والنظرية لفهمها".

ونوّه أنّ "هذه الأبحاث ليست حديثة، وقد نشرت قبل الحرب على غزة وعلى ما يبدو أنّ السلطات الإسرائيلية سعت من خلال هذا التحقيق إلى وضع قواعد جديدة لحرية التعبير عن الرأي والحرية الأكاديمية، وهو ما يتوافق تماما مع سياسة الملاحقات السياسية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية بحق المواطنين العرب منذ بداية الحرب، والتي انعكست في عشرات الاعتقالات التي نفّذتها ضد ناشطين وطلاب وفنانين وشرائح أخرى من المجتمع الفلسطيني، مع العلم أن هذه السلطات امتنعت حتى اليوم عن اتخاذ أي خطوات ضد حملات التحريض التي شنها سياسيون ومحاضرون وفنانون من المجتمع الإسرائيلي والتي ما زالت تبث حتى يومنا هذا، وتعرّض حياة المجتمع العربي وسلامته للخطر".

واستهجن محاجنة "تصرف النائب العام الإسرائيلي الذي قام بالموافقة على منح الشرطة إذنًا بالتحقيق مع شلهوب، واعتبره انزلاقا خطيرًا نحو منحدر جديد في تقيد حرية التعبير عن الرأي، ولا سيما أن الشرطة لم تلتزم بالموافقة التي حصلت عليها وقامت بالتحقيق معها بعديد من الأمور السياسية والأكاديمية وبنهاية تحقيق اليوم وجهت لها تهم تقع خارج هذه الموافقة، الأمر الذي يثبت مدى تعسفية هذه الإجراءات وعشوائيتها، وبالأساس عدم قانونيتها ومنطقيتها".

وتعود بدايات هذه القضية إلى قرار الجامعة العبريّة، التي أعلنت يوم 12 آذار/ مارس 2024، عن تعليق عمل شلهوب - كفوركيان عن مهامها التدريسيّة على خلفيّة تعبيرها عن مواقفها المناهضة والرافضة للإبادة الجماعيّة الجارية في غزّة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. واستنكرت الجامعة في قرار التعليق أقوال شلهوب - كفوركيان المناهضة للصهيونيّة واعتبارها للحرب على غزّة حربَ إبادة وتجويع. وجاء قرار تعليق عمل شلهوب - كفوركيان نتاجًا لحملة تحريضيّة ضدّها قادتها أوساط في المجتمع الإسرائيليّ، من ضمنها إعلاميين ووزراء وأعضاء كنيست، جرّاء مواقفها من الحرب.

وتراجعت الجامعة العبريّة لاحقا عن قرارها بتعليق عمل المحاضرة، وقرّرت عودتها الفوريّة لمزاولة كافّة مهامها في الجامعة، وذلك في أعقاب جلسة عقدت يوم 27 آذار الماضي بمشاركة بروفيسور شلهوب - كفوركيان والمحاميّ محاجنة.

وعلى الرغم من تراجع الجامعة العبرية عن خطواتها غير القانونية بحق شلهوب والتوضيح الذي نشرته الجامعة بهذا الخصوص، إلا أن حملات التحريض ضد المحاضرة استمرّت وزادت حدتها من قبل سياسيين ووسائل إعلامية وأوساط يمينية وعلى رأسهم الوزير بن غفير، الذي أوعز للشرطة بالبدء بالتحقيقات الجنائية ضدها بهدف التخويف والانتقام، حيث جاءت هذه الإجراءات بعدما فشلت محاولات الجامعة إنهاء عملها لعدم توافر أساس قانوني للقيام بذلك.

وأعربت شلهوب - كفوركيان عن امتنانها "للالتفاف والتضامن المحلّيّ والعالميّ، الأمر الذي شكّل حجر الأساس للثبات أمام الهجمة التحريضيّة المسعورة التي تعرّضت لها منذ أشهر"، وشدّدت على "ضرورة الاستمرار في التصدّي لسياسة تكميم الأفواه والترهيب التي تنتهجها إسرائيل منذ 7.10.2023 والواجب الأخلاقيّ للعمل على وقف الحرب الإسرائيليّة والإبادة الجماعيّة في قطاع غزّة. وأخص بالشكر مركز عدالة ومديره الدكتور حسن جبارين على مجهودهما ومرافقتهما لهذه القضية".

التعليقات