بروفايل: رئيس السلفادور فلسطينيّ الأصل نجيب أبو كيلة

قام أبو كيلة خلال سنوات نشاطه السياسيّ وتحديدًا عام 2018، بزيارة إلى إسرائيل، وهو ما استنكرته الجالية الفلسطينيّة في السلفادور، حيث التقى هناك برئيس بلديّة القدس، نير بركات، ورئيس بلديّة تل أبيب

بروفايل: رئيس السلفادور فلسطينيّ الأصل نجيب أبو كيلة

(Getty)

بعد تدشين السلفادور لسجن تيكولوكو، المخصّص لأربعين ألفًا من أفراد عصابات المخدرات، في إطار خطّة "حرب بلا رحمة"، التي أمر بها رئيس السلفادور ورجل الأعمال فلسطينيّ الأصل، نجيب أبو كيلة، لمكافحة العصابات، نُشرت تقارير إعلاميّة حول الخطّة التي تقوم بها الدولة في مواجهة هذه العصابات العنيفة.

وولد نجيب أبو كيلة في عام 1981 في العاصمة سان سلفادور، من أب فلسطينيّ من بيت لحم، وأمّ سلفادوريّة، وسرعان ما اعتنق الأب الإسلام لاحقًا، بعد تحوّله من المسيحيّة، ثمّ أصبح إمامًا لمسجد في السلفادور.

كان أبو كيلة قد درس القانون في جامعة "يو سي إيه"، وهي جامعة محليّة في السلفادور، إلّا أنّ انقطاعه عن الدراسة، حال بينه وبين الحصول على شهادته الجامعيّة، إذ اتّجه في سنّ مبكّرة إلى عالم الأعمال، ونجح فيه وأصبح اسمه بارزًا في مشهد المال والأعمال، قبل بدء مشواره السياسيّ عام 2012، حيث وصل إلى رئاسة بلديّة ضاحية نويفو كوسكاتلان، مرشّحًا عن جبهة فارابوندو مارتي اليساريّة.

واستطاع أبو كيلة جلب الانتباه وسط مشهد سياسيّ متجاذب الأطراف، بين جبهة فارابوندو مارتي والتحالف الوطني الجمهوري من جهة أخرى، وفي عام 2015، تمكّن من الفوز برئاسة بلديّة سان سلفادور، وهو ما تبعه لاحقًا باهتمامه للترشّح لمنصب رئيس البلاد.

في القدس

نجيب أبو كيلة مع رئيس بلدية الاحتلال في القدس نير بركات (لقطة شاشة)

قام أبو كيلة خلال سنوات نشاطه السياسيّ وتحديدًا عام 2018، بزيارة إلى إسرائيل، وهو ما استنكرته الجالية الفلسطينيّة في السلفادور، حيث التقى هناك برئيس بلديّة القدس، نير بركات، ورئيس بلديّة تل أبيب، بالإضافة إلى مشاركته في طقوس يهوديّة عند حائط البراق في القدس المحتلّة.

ولحق هذه الزيارة غضب كبير في الأوساط الفلسطينيّة، في فلسطين والسلفادور، حيث اتُّهم بتنكّره لأصوله الفلسطينيّة وأصول وتاريخ والده، والذي كان معروفًا بدفاعه عن القضيّة الفلسطينيّة، وبعد طرده من الجبهة، بدأ التحضير لخوض سباق الرئاسة عام 2019، كمرشّح مستقلّ، ثمّ أطلق حزبه "حركات الأفكار الجديدة"، ليتمكّن من الترشّح، إذ كانت هناك عقبة دستوريّة في ترشّحه مستقلًّا، وهو ما دفعه لتأسيس حزبه، إلّا أنّ حزب جبهة فارابوندو مارتي اليساري وحزب التحالف الوطني الجمهور المحفاظ، أحبطا مشروعه في تأسيس حزبه السياسيّ الخاصّ، وتمكّن أبو كيلة في نهاية المطاف، من الانضمام إلى حزب ينتمي إلى يمين الوسط، ويعرف باسم التحالف الكبير من أجل الوحدة الوطنيّة، وفي عام 2019، أعلن فوز نجيب أبو كيلة برئاسة البلاد، بعد أن نال نحو 54٪ من الأصوات أمام منافسه في حزب التحالف الجمهوري الوطني.

ومن الاتّهامات التي توجّه إلى أبو كيلة في الأوساط السياسيّة في السلفادور، هي "سطحيّته" في التعامل مع الملفّات الأمنيّة والاقتصاديّة، بالإضافة إلى الاتّهامات المتواصلة تجاهه بأنّه "يذكّر" بحقبة الدكتاتوريّة والحكم الفرديّ المطلق في السلفادور.

انقلاب أبو كيلة

من المظاهرات في السلفادور ضد أبو كيلة

في شباط/ فبراير من عام 2020، كانت قوّات عسكريّة قد اقتحمت مبنى البرلمان في السلفادور، قبل دخول أبو كيلة، وهو ما فُسّر حينها بأنّها طريقة للضغط على النوّاب من أجل التصديق على قرض بقيمة 109 مليون دولار، من أجل مكافحة العصابات وتجهيز القوّات المسلّحة لهذا الأمر، ولم يلبث أبو كيلة إلّا أن أجاز استخدام الجيش للقوّة المميتة ضدّ أفراد العصابات، خلال جائحة كورونا، وقبل ذلك، كان قد اصطدم بعد تولّيه السلطة مع القضاة الدستوريّين والسلطة القضائيّة والبرلمان، الذي كان يسيطر عليه حزب أرينا اليمينيّ، وجبهة فارابوندو مارتي.

وفي أيّار مايو/ 2021، كان البرلمان السلفادوري قد صوّت على إقالة قضاة في المحكمة العليا، والذين كانوا مناهضين للرئيس أبو كيلة، وهو ما وصفه معارضون بالانقلاب، وعقب هذه الأزمة السياسيّة، أصدرت المحكمة العليا في السلفادور في أيلول/ سبتمبر 2021، قرارًا يسمح للرئيس أبو كيلة بالترشح لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسيّة لعام 2024، وبعد عام، أعلن عن سعيه إلى إعادة انتخابه لولاية ثانية تكون مدّتها خمس سنوات، وهو ما اعتبر انتهاكًا لما لا يقلّ عن 4 موادّ دستوريّة، بما في ذلك المادّة التي تحدّد مدّته بـ5 سنوات فقط، وتنصّ على أنّ الرئيس الذي تنتهي مدّة رئاسته، لن يستمرّ في مهامه يومًا آخر.

في تشرين الأوّل/ أكتوبر من عام 2021، تظاهر الآلاف في شوارع السلفادور، احتجاجًا على سياسات الرئيس أبو كيلة، خاصّة بعد قراره بجعل البتكوين عملة رسميّة في البلاد.

وخرج المتظاهرون بناء على دعوة منظمات وأحزاب سياسيّة عدة، من اليسار واليمين، حاملين لافتات كتبوا عليها "بتكوين، الاحتيال" و"لا للدكتاتورية" و"الديموقراطية لا يمكن التفاوض عليها، بل يُدافَع عنها" و"تسقط السلطوية".

وأصبحت السلفادور في 7 أيلول/سبتمبر أول بلد في العالم يشرّع عملة البتكوين، إلى جانب الدولار الأميركي، رغم التردد الشديد بين السكان وانتقادات اقتصاديين ومنظمات مالية دولية.

التعليقات