أميركا… أن تدرس علم الجريمة لتنفيذ جرائمك!

يواجه المحقّقون مجموعة معقّدة من العوامل والدوافع التي قد تكون ساهمت في ارتكاب هذه الجرائم، والتي يحاول علماء الجريمة فهمها

أميركا… أن تدرس علم الجريمة لتنفيذ جرائمك!

المشتبه به (تويتر)

بعد مقتل أربعة طلّاب في جامعة "إيداهو" الأميركيّة، واعتقال المشتبه به، الطالب في مرحلة الدكتوراه في علم الإجرام في جامعة ولاية واشنطن، بريان كوهبرغر، أُثيرت أسئلة كثيرة حول جرائم القتل المتزايدة في الولايات المتّحدة الأميركيّة، خاصّة في المؤسّسات التربويّة والتعليميّة، مثل المدارس والجامعات وغيرها. ومن المعروف، أنّ العنف هو أمر ثابت في الحياة الأميركيّة ككلّ، إذ إنّه متواجد في كافّة مناحي الحياة، من التلفزيون والأفلام ووسائل الإعلام والسياسيّين، وكذلك الواقع المُعاش.

تقول الإحصائيّات، إنّ مجال علم الجريمة، يعتبر تخصّصًا صغيرًا نسبيًّا، لكنّه في الآونة الأخيرة أصبح منتشرًا بشكل كبير، وخلال العام الدراسيّ 2020، منحت الكليّات والمعاهد الأميركيّة، أكثر من 11 شهادة بتخصّص علم الإجرام.

في مقال لها في صحيفة نيويورك تايمز الأميركيّة، بعنوان "علم الجريمة… ليس جريمة"، تقول أستاذة علم الإجرام والوكيلة الخاصّة سابقًا لمكتب التحقيقات الفيدراليّ، بريانا فوكس، إنّها تفاجأت كثيرًا من المفاهيم الخاطئة لما يتمّ تدريسه في تخصّص علم الجريمة، وما يتمّ تدريب الطلّاب على القيام به، إذ يفترض كثير من الناس، أنّ علماء وخبراء الجريمة وظيفتهم تحديد سمات القتلة المتسلسلين والتحليل الجنائيّ، وحلّ القضايا غير المحسومة وغيرها من مواضيع الجريمة الحقيقيّة.

وتضيف فوكس "يُطلب منّا في كثير من الأحيان أن نفكّر في الجرائم البارزة، وذلك يعود لخبرتنا في السلوك الإجراميّ وأسلوب عمل نظام العدالة الجنائيّة، وعمل معظم علماء الجريمة، إنّما يركّز على تطوير واختبار نظريّات السلوك الإجراميّ، وتطبيق عمليّة صارمة لتطوير الأدلّة".

وفي الثالث عشر من تشرين ثاني/ نوفمبر 2022، ألقت السلطات الأميركيّة القبض على مشتبه به في جرائم متسلسلة قتل وقعت لأربعة طلّاب من جامعة "آيداهو"، وعُرّف عن المشتبه به آنذاك، بأنّه طالب جامعيّ لا يدرس في جامعة "آيداهو". وحيّرت عمليّات القتل الغامضة المحقّقين في بداية الأمر، وتركت الجامعة في قلق كبير قبل اعتقال الجاني، إذ استخدم سكّينًا كبيرًا ضدّ ضحاياه، والغريب أنّ جميع الجرائم هذه وقعت أثناء نوم الضحايا، وهو ما أكّدته شابّتان نجتا من القتل، أثناء نومهنّ.

وحسب ما جاءت به أستاذة علم الجريمة، بريانا فوكس، فإنّه "إذا كان القاتل - كوهبرغر قد حاول تحسين قدرته على ارتكاب جرائمه، فقد كانت هناك طرق أسهل بكثير وأفضل من إنفاق عشرات الآلاف من الدولارات، وخوض سنوات طويلة من الدراسة… وإذا كان فعل ذلك عن قصد، فلماذا ترك وراءه كلّ هذه الأدلّة، لماذا أخطأ كلّ هذه الأخطاء الأساسيّة، مثلًا، فقد ترك وراءه غمد السكّين المليء بالحمض النوويّ في مسرح الجريمة".

وتتابع فوكس في مقالها المنشور "واحد من الأشياء التي تعلّمتها خلال خدمتي في مكتب التحقيقات الفيدراليّ، هو أنّ هناك كثيرًا من الأشخاص الذين يستطيعون فعل أشياء مروّعة لا يستطيع أحد تحمّلها، وهذا لا علاقة له بمجال الدراسة أو الحالة الاجتماعيّة أو طريقة التفكير، أو أيّ شيء من هذه الأمور التي يستشهد بها المجتمع عادة، لفهم الدوافع وراء القيام بجرائم شنيعة".

ويواجه المحقّقون مجموعة معقّدة من العوامل والدوافع التي قد تكون ساهمت في ارتكاب هذه الجرائم، والتي يحاول علماء الجريمة فهمها، إذ يهدف هذا المجال أوّلًا وأخيرًا، إلى تطوير طرق أكثر فعاليّة لمواجهة الجريمة، وتطوير إستراتيجيّات وقائيّة لمنع حدوث هذه الجرائم مستقبلًا.

ومع فتح الشرطة الأميركيّة التحقيق في سلسلة الجرائم، أجرت تحقيقات مع أكثر من 100 شخص من طلّاب الجامعة، وهُنا، دخل كوهربرغر في دائرة الاتّهام، بعد تتبّع سيارته التي شوهدت بالقرب من مسرح الجريمة، بالإضافة إلى تطابق حمضه النوويّ مع المادّة الوراثيّة التي تمّ العثور عليها في مسرح الجريمة.

التعليقات