اعتصم أهالي مخيم اليرموك ، الثلاثاء، احتجاجاً على إغلاق معبر المخيم مع بلدة يلدا المجاورة، والتي تسيطر عليها كتائب من "المعارضة السورية" المسلحة، ونظمت الفعاليات المدنية في المخيم الاعتصام تحت شعار '( يلدا - ببيلا - بيت سحم .. هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)، فيما شهد المخيم خلال الأسبوع الماضي عمليات قصف شاركت فيها كتائب المعارضة السورية وأكناف بيت المقدس.
الحجة 'داعش'
كان كل من جيش الإسلام وجيش الأبابيل وكتائب شام رسول، قد أصدرت بياناً مساء الجمعة الماضية، وهو يوم إغلاق المعبر، قالت فيه إنها اضطرت لمنع الحركة من المخيم وإليه عبر يلدا، وذلك لأن 'الطريق تساعد داعش على ظلم المسلمين'، فيما ذكر البيان أن أصحاب قرار الإغلاق لا يقصدون التضييق على أهالي المخيم، بل إن غايتهم هي 'لجم مجرم سعى في الأرض فساداً' في إشارة لتنظيم الدولة الإسلامية داعش.
وكان التنظيم، ومنذ يوم الثامن والعشرين من آب، قد اشتبك مع كتائب المعارضة السورية وجبهة النصرة في حي القدم الدمشقي، والذي يقع المخيم بينه وبين مناطق يلدا وبيت سحم وببيلا، ما دفع كتائب المناطق الثلاث إلى اعتبار أن دخول المواد الغذائية من يلدا إلى مخيم اليرموك يشكل عملية إمداد مباشرة للتنظيم.
بيان مضاد
قبل إغلاق المعبر، سجلت حالة قنص بحق الفلسطيني السوري ماهر شهابي، الذي كان قريباً من نقطة التفتيش إلى يلدا، حيث قنص في مرمى نيران جبهة النصرة وجيش الأبابيل، بحسب بيان صدر من الفعاليات المدنية داخل المخيم، والتي حملت المسؤولين في البلدات الثلاث المسؤولية عن عملية القنص 'وسوء المعاملة من قبل عناصر الحاجز بحق المدنيين من نساء وأطفال ورجال'.
وسجل ارتفاع فوري في أسعار المواد الغذائية الشحيحة أصلاً في المخيم، فور إعلان الإغلاق، حيث وصل سعر كيلو السكر الواحد إلى 400 ليرة سورية، ووصل سعر الليتر الواحد من البنزين إلى 900 ليرة سورية.
الحصار ليس للمخيم فقط
يرى الناشط الإغاثي في مخيم اليرموك أحمد الشريف في حديث مع عــ48ـرب أن إغلاق المعبر لا يشكل حصاراً جديداً على مخيم اليرموك فقط، بل يمتد لمناطق مجاورة له، حيث أن 'إغلاق المعبر يعني الحصار التام على أهالي مخيم اليرموك، أضف إليهم أهالي حي التضامن وحي الحجر الأسود هذه بالدرجة الأولى'.
ويرى الشريف أن الأسباب الحقيقة للحصار لا علاقة لها بتنظيم الدولة 'الأسباب الحقيقة للإغلاق هي زيادة الضغط والحصار على أهالي المخيم لإخلائه من سكانه بالدرجة الأولى، ثم الضغط على جبهة النصرة داخل المخيم لترضى بطلبات النظام بخصوص مبادرة اليرموك'.
يشير الشريف إلى الاجتماع الذي تم في مخيم اليرموك قبل أسبوع من إغلاق معبر يلدا، بين جبهة النصرة التي تسيطر أمنياً على المخيم مع وفد دخل من دمشق ضم بين أعضائه مسؤول اقليم حركة فتح عدنان إبراهيم، جرى فيه بحث اتفاقية هدنة.
بدوره يقول الصحفي الميداني في جنوب دمشق مطر إسماعيل لـ عــ48ـرب إن الإغلاق لا يضر إلا المدنيين، حيث أن 'مستودعات داعش والنصرة مليئة بالمؤونة، بالإضافة إلى أنهم يستثمرون دوماً حالة العداء المتزايدة للمدنيين ضد فصائل وأهالي البلدات المجاورة بما يخدم مصلحتهم الحزبية الضيقة'.
ويتوقع إسماعيل أن يفتح الحاجز سريعاً، فقد سبق أن أغلق لمرات عدة قبل الآن. ويقول: 'لن يغلقوا الحاجز لأكثر من يوم أو يومين، لأنهم مدركون أن كارثة ستقع في حال إغلاقه لفترة طويلة، وحقيقة أن البيان جاء كردة فعل على منع داعش، دخول المواد الغذائية والطبية والمحروقات وغيرها إلى حي القدم منذ بدء المعارك بين الثوار وداعش بتاريخ 28-8-2015، فهم لجأوا إلى هذا الأسلوب كنوع من الضغط على داعش ليس إلا'.
القصف من الجميع
تصاعد الموقف عسكرياً ليل السبت، إذ سجل قصف بقذائف الهاون على مخيم اليرموك، من جميع جبهاته وفقاً لناشطين. وأطلق عدد من القذائف من أراضي بلدة يلدا، وسقطت واحدة منها على مدرسة الجرمق البديلة التي يتخذها شبان في اليرموك كملعب لكرة القدم، ما أدى لخمس إصابات بين صفوف المدنيين، فيما سقطت قذائف أخرى على منازل سكنية وصيدلية، ما أدى لخمس إصابات أيضاَ.
واتهم ناشطون داخل المخيم كتائب أكناف بيت المقدس التي انسحبت من المخيم باتجاه يلدا في نيسان الماضي بعد اجتياح تنظيم الدولة للمخيم، بتنفيذ علميات القصف. وعزز من الاتهام بث الأكناف لفيديو يظهر قيامها بعمليات قصف قالت إنها تستهدف التنظيم في مخيم اليرموك، فيما ردت جبهة النصرة داخل المخيم بعمليات قصف مضادة على مصادر النار.
أحداث الأسبوع الأخير دفعت ناشطي مخيم اليرموك إلى مقارنة أفعال المعارضة السورية المسحلة الجديدة، بأفعال النظام السوري، إذ كلاهما اليوم يغلق المعابر إلى اليرموك، بحجة عدم تمويل أو تذخير أو إطعام المسلحين وعناصر التنظيم، فيما كلاهما يقصفان المخيم بحجة القتال، فيما تسقط القذائف على المدنيين، بينما يرى آخرون أن المقارنة مع النظام ظالمة تماماً، معتبرين أن مناطق يلدا وببيلا وبيت سحم تحتضن عدداً كبيراً من الأسر التي غادرت المخيم منذ نيسان الماضي.
التعليقات