تحت عنوان 'ساعة تستمر 15 سنة' خصصت صحيفة 'هآرتس' الإسرائيلية افتتاحيتها اليومية لقانون المواطنة الذي يمنع لمّ شمل الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر. وهو القانون الذي صدر عام 2003 كـ'أمر مؤقت' وبالترجمة الحرفية 'أمر ساعة' يجري تمديده سنويا، وبشكل تعسفي منذ 15 عاما.
ويمنع هذا القانون منح أي جنسية أو مواطنة لفلسطينيين من المناطق التي احتلتها إسرائيل عام 1967 المتزوجين من 'مواطني إسرائيل'، ويمس بآلاف العائلات الفلسطينية المكونة من عشرات آلاف الأشخاص. ويحرم القانون المذكور الفلسطينيين الذين يسكنون داخل الخط الأخضر والقدس الشرقية والمتزوجين من الضفة الغربية، أو من الدول المصنفة كدول عدو من حق لمّ شمل عائلاتهم.
وقد مدد الكنيست سريان مفعول هذا القانون، الذي سن بالأصل كقانون مؤقت لمدة سنة واحدة، مرات عديدة. وفي أيار/مايو 2005 رفضت المحكمة العليا التماسا ضد القانون بأغلبية 6 قضاة مقابل 5، وفي 21 آذار 2007 صادق الكنيست الإسرائيلي على قانون جديد يعمق الحظر المفروض على لمّ الشمل في العائلات التي يكون فيها أحد الزوجين فلسطينيا من الأراضي المحتلة عام 67 ويضيف منعا أكثر صرامة على لمّ الشمل في حال كون أحد الزوجين هو من سكان لبنان، سورية، العراق أو إيران، وهي جميعها دول معرفة بحسب القانون الإسرائيلي 'دول عدو' أو من يسكن في مكان تجري فيه عمليات تشكل خطرًا على أمن إسرائيل وأمن مواطنيها، وفق ما يمليه جهاز الأمن الإسرائيلي.
وترى 'جمعيات حقوق الإنسان أن القانون الذي يشتت شمل آلاف العائلات الفلسطينية لأسباب ديمغرافية مغلفة بذرائع أمنية، هو أحد أكثر القوانين عنصريةً في كتاب القوانين الإسرائيلي، ومن أكثر القوانين التي تمس بحقوق المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل وفي المناطق الفلسطينية المحتلة عام 67، كونه يستثني الفلسطينيين من حق لمّ الشمل الذي تكفله القوانين الدولية والإسرائيلية لباقي البشر، ويمكن اعتباره الوجه الآخر لقانون العودة الإسرائيلي الذي خص اليهود بالتمييز الإيجابي كونه يخص الفلسطينيين بالتمييز السلبي. ورغم عنصريته رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية التماسين لإلغائه تقدمت بهما عائلات متضررة وجمعيات حقوق إنسان وهيئات تمثيلية.
القانون الذي قطع خط سير حياتهم العادية، فرمل عملية التزاوج الطبيعية بين الفلسطينيين من جانبي الخط الأخضر، بعد أن أدخلها في طور الحظر القانوني، شتت شمل آلاف العائلات السابقة على القانون أو التي تألفت رغما عنه، حيث تفيد المعطيات أنه من بين 12500 شخص الموجودين في خضم إجراءات لمّ شمل العائلات هناك عشرة آلاف يتمتعون بتصريح مكوث عسكري فقط، بمعنى أنهم لا يتمتعون بأي وضع قانوني، مما يعني أنهم لا يستطيعون استصدار رخص أو التسجل للتعليم أو الحصول على عمل، كما أنهم لا يتمتعون بتأمين صحي أو الحصول على حقوق اجتماعية، ناهيك عن أنه إذا ما جرى ضبط أحدهم من قبل شرطي قد يتعرض للاعتقال أو للاحتجاز.
ويضطر غالبية هؤلاء للحصول على تصاريح مكوث مؤقتة، شبيهة بالتصاريح التي يحصل عليها العاملون في إسرائيل، وهي تصاريح يجري تمديدها كل سنة أو سنتين ما يستدعي إجراء معقد يتطلب تجميع مستندات على غرار إيصالات كهرباء ومياه وقسائم راتب وشهادات مدرسية إضافة إلى إجراء مقابلات. هذا الوضع يجعل حياة الآلاف من الناس وعائلاتهم تفتقد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وينقصها الأمن والأمان.
ويقع سكان شرقي القدس في دائرة الضرر الأولى من القانون، الذي تسبب بهبوط حاد في نسبة الزيجات لديهم من الضفة الغربية، لأن مثل هذا الزواج سيقود إلى حياة من المعاناة البروقراطية، وهي ليست المعاناة الوحيدة التي يعيشها سكان القدس الذين جرى انتزاعهم من محيطهم الفلسطيني وتوجيه مسار حياتهم بما تمليه الوضعية القانونية التي فرضت عليهم.
اقرأ/ي أيضًا | الاحتلال يمدد منع لم الشمل منذ 15 عاما
وتجد الأزواج المختلطة من القدس والضفة ملاذا في المناطق الواقعة بين الجدار العازل وبين الحدود الإدارية للقدس، وتحديدا في مخيم شعفاط وكفر عقب، كما يقول الباحث د. أمنون رامون من معهد القدس للدراسات الإسرائيلية، الذي أفاد 'هارتس' بأن حوالي مئة الف فلسطيني يسكنون في هذه المنطقة الفالتة الواقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وهم موجودون مبدئيا داخل القدس إلا أنهم يحظون بأمان نسبي بسبب الحضور الضعيف للسلطات الإسرائيلية بما فيها الشرطة في هذه المنطقة.
التعليقات