في 15 آب/ أغسطس 1929، الذي وافق يوم الحداد على خراب الهيكل حسب التقويم اليهودي، والمتزامن مع احتفالات المسلمين الفلسطينيين بالمولد النبوي الشريف، نظمت حركة بيتار الصهيونية اليمينية مسيرة تظاهرية احتشدت فيها أعداد كبيرة من اليهود في القدس قريبا من حائط البراق، وأخذوا يصيحون 'الحائط لنا' وينشدون نشيد الحركة الصهيونية.
وكانت شرطة الاستعمار البريطانية في فلسطين قد علمت عن المظاهرة سلفا وأرسلت قوات كبيرة لمرافقة وحماية المتظاهرين اليهود، فقرر الشعب العربي الفلسطيني، المتمثل في قادته، الرد في اليوم التالي، فقاموا بتنظيم مظاهرة مضادة من المسجد الأقصى واتجهوا إلى حائط البراق، حيث ألقى الشيخ حسن أبو السعود خطبة تبين الأخطار التي تتهدد المقدسات الإسلامية.
وازداد التوتر في القدس حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجانبين، بعد اعتداء صهيوني تمثل بحركة بيتار، على المتظاهرين العرب 'دفاعا عن أراضيهم ومقدساتهم'.
وفي الأيام التالية انتقلت الاشتباكات والمواجهات إلى مدن فلسطينية أخرى، حيث اشتبك المقاومين الفلسطنين مع أفراد من العصابات الصهيونية وواجهتم شرطة الاستعمار بالقمع والعنف إلى أن اضطرت سلطات الانتداب البريطاني لطلب المساعدة من القوات البريطانية في مصر كي تتمكن من إيقاف الهبة الفلسطينية.
في أعقاب الثورة التي أطلق عليها الفلسطينيون اسم 'ثورة البراق' عام 1929، والتي شملت عددًا كبيرًا من المدن والقرى الفلسطينية، وقتل وجرح فيها مئات الأشخاص، قامت سلطات الاستعمار البريطانية يوم الثلاثاء 17 حزيران/ يونيو 1930، بإصدار أحكام الإعدام بحق 26 مناضلًا فلسطينيًا شاركوا في هذه الثورة. ثم استبدلت تلك الأحكام بالسجن المؤبد لـ23 منهم، ونفذت حكم الإعدام في قادة ثلاثة هم محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير.
وعبر حكم الإعدام هذا، عن بسالة القادة الثلاثة ودورهم في النضال ضد المستعمر.
فالشهيد محمد جمجوم، المولود في مدينة الخليل وتخرج من مدرستها الابتدائية، من أول المناضلين الذين تقدموا المظاهرات في مدينة الخليل احتجاجًا على شراء أراضي العرب أو اغتصابها.
والشهيد فؤاد حجازي، المولود في مدينة صفد، عام 1904، وتلقى دراسته الابتدائية والثانوية في الكلية الأسكتلندية وأتم دراسته الجامعية في الجامعة الامريكية في بيروت، شارك مشاركة فعالة في الثورة التي أعقبت أحداث البراق سنة 1929 ،وهو أول الشهداء الثلاثة الذين أعدمتهم سلطات الانتداب البريطاني وأصغرهم سنا.
ويعتبر الشهيد عطا الزير من أبرز المناضلين إبان الانتداب البريطاني، فقد اشترك في المظاهرات التي شهدتها مدينة الخليل احتجاجًا على هجرة الصهاينة إلى فلسطين، وفي ثورة البراق عام 1929 هب عطا الزير مع غيره من سكان الخليل مدافعًا عن أهله ووطنه، بكل ما لديه من قوة، وقيل أنه عندما قاده جلاده إلى منصة الإعدام طلب أن تفك قيوده لأنه لا يخشى الموت، فرفض طلبه، وعندها حطم عطا الزير السلاسل بقوته وصلابته، وتقدم نحو المشنقة رافع رأسه ومبتسم.
التعليقات