24/03/2024 - 19:53

بسبب انعدام الجاذبيّة: هل يأتي علاج السرطان من الفضاء؟

في عام 2017، أجرت شركة "ميرك" تجربة في الفضاء لمعرفة ما إذا كانت البلّورات تتشكّل فيه بشكل أفضل ممّا تفعل على الأرض...

بسبب انعدام الجاذبيّة: هل يأتي علاج السرطان من الفضاء؟

(Getty)

قد يهبط الحلّ للتغلّب على السرطان من الفضاء، إذ أنّ انعدام الجاذبيّة فيه يجعل الخلايا تشيخ بسرعة أكبر، ما أتاح "تقدّمًا كبيرًا جدًّا"، وفقًا لوكالة "ناسا" الّتي تكثّف جهودها للإفادة من هذه المعطيات في إيجاد علاج للمرض الخبيث.

ويصف رائد الفضاء فرانك روبيو الفضاء بأنّه "مكان فريد لإجراء البحوث"، خبره هذا الرجل الأربعينيّ، إذ مكث فترة في محطّة الفضاء الدوليّة على ارتفاع أكثر من 400 كيلومتر فوق الأرض ضمن مهمّة بحثيّة تتعلّق بالسرطان.

ويوضّح رئيس وكالة الفضاء الأميركيّة "ناسا" بيل نيلسون أنّ الأمر لا يقتصر على أنّ الخلايا تشيخ بسرعة أكبر ممّا يتيح تسريع الأبحاث، لكنّ بنيتها تكون أيضًا أكثر "نقاوة". ويشرح أنّها "لا تتجمّع معًا كما هي الحال على الأرض، بسبب الجاذبيّة. في الفضاء، هي معلّقة"، وترتفع بفضل الجاذبيّة الصغرى، ما يسمح بتحليل أفضل لبنيتها الجزيئيّة.

واستهوت هذه المعطيات شركة "ميرك" العملاقة للصناعات الدوائيّة، فقرّرت إجراء بحث في محطّة الفضاء الدوليّة يتعلّق بدواء بيمبروليزوماب Pembrolizumab المضادّ للسرطان والّذي يتلقّاه المرضى اليوم بواسطة الحقن في الوريد.

ومن الصعوبة بمكان تحويل المكوّن الرئيسيّ لهذا الدواء إلى سائل، ويكمن الحلّ الوحيد في إعطائه الشكل البلّوريّ، وهي عمليّة شائعة لتصنيع الأدوية.

وفي عام 2017، أجرت شركة "ميرك" تجربة في الفضاء لمعرفة ما إذا كانت البلّورات تتشكّل فيه بشكل أفضل ممّا تفعل على الأرض.

ويستعين بيل نيلسون بصورتين للتحدّث عن النتائج. في أولاهما، تبدو بقعة شفّافة وغير واضحة. وفي الثانية يظهر عدد كبير من النقاط الرماديّة والواضحة. ويقول رائد الفضاء السابق "نلاحظ أنّ البلّورات أصغر حجمًا وأكثر تجانسًا في الصورة الثانية، تلك الّتي التقطت في الفضاء، وهي تتشكّل على نحو أفضل"، وبفضل هذا التكوّن الأكثر "نقاوة"، يلوح اتّجاه إلى "تصنيع دواء يمكن إعطاؤه بواسطة حقنة في عيادة الطبيب بدلًا من اللجوء إلى علاج كيميائيّ من طريق الوريد يستغرق ساعات طويلة في المستشفى".

وتوصّلت شركة "ميرك" إلى تقنيّات لمحاكاة تأثيرات هذه البلورات على الأرض، وتسعى إلى إنتاج دواء يمكن إعطاؤه حقنًا وحفظه في درجة حرارة الغرفة.

لكنّ إعادة إنتاجه ليست بالأمر السهل، وقد تستغرق البحوث سنوات قبل جعل البيمبروليزوماب متاحًا بشكل أكبر. وتقول مديرة المعهد الوطنيّ للسرطان التابع للحكومة الأميركيّة كيمرين راثميل "نحن نستخدم خصائص الفضاء لوضع حدود للسرطان".

ورغم أنّ البحوث العلميّة المتعلّقة بالسرطان في الفضاء بدأت قبل أكثر من 40 عامًا، إلّا أنّها أصبحت "ثوريّة" في السنوات الأخيرة، على ما يلاحظ بيل نيلسون.

وتؤكّد رئيسة القسم الطبّيّ في شركة التكنولوجيا الحيويّة "بروميغا" أنيت بوركهاوس، أنّ هذه البحوث "تساعد الأطبّاء والمرضى بشكل كبير على اتّخاذ القرارات الصحيحة في شأن خيارات العلاج".

وقال وزير الصحّة الأميركيّ خافيير بيسيرا خلال مؤتمر صحافيّ الخميس في مقرّ وكالة ناسا في واشنطن "نعرف جميعًا شخصًا، غالبًا ما يكون شخصًا نحبّه، حارب هذا المرض الرهيب. وكما خلال السباق إلى القمر، نعتقد أنّ تقنيّتنا ومجتمعنا العلميّ قادران على فعل المستحيل للقضاء على السرطان كما نعرفه".

لكنّ هذا الطموح حدّت منه الموازنة الّتي خصّصها الكونغرس لوكالة الفضاء لسنة 2024، والبالغة 25 مليار دولار، أي أدنى بنسبة 2 في المئة من موازنة العام السابق وأقلّ بكثير من تلك الّتي كان البيت الأبيض يرغب فيها.

وإذ تنتقد الباحثة كيمرين راثميل الخلافات السياسيّة، تبدي اقتناعها بأنّ "قدرة الفضاء على إلهام الأحلام تكمن داخل كلّ واحد"، مؤكّدة أنّ هذه القدرة "يمكن أن تنقذ أرواحًا".

التعليقات