برزت دول الشرق الأوسط في سنواتها الأخيرة كعاملٍ مهم في التحول العالمي نحو اعتماد النقل المستدام وبشكل خاص ضمن مجال السيارات الكهربائية. وكان لهذا التحول أن يعكس مدى الالتزام والوعي البيئي بالإضافة إلى أنه مؤشر على مدى رغبة دول الشرق الأوسط في التطور وتبني مختلف التقنيات المتطورة للسيارات بجانب تنويع مصادر الطاقة المتوفرة لديها.
قد يبدو أن هذه الدول والتي تعرف باحتياطاتها النفطية الضخمة مركز غير محتمل لاعتماد السيارات التي تعمل بالكهرباء، ورغم ذلك، فقد كانت هذه المنطقة على وعي كافٍ بأهمية وضرورة تنويع مصادرها لإنتاج الطاقة، حيث تعمل عدة دول عربية على التحفيز والترويج لاستخدام السيارات الكهربائية عن طريق زيادة الوعي حول تحسين البنية التحتية واعتماد وسائل النقل المستدام ونتج عن ذلك سوق كبير ومزدهر للسيارات الكهربائية.
ما هي أبرز دول الشرق الأوسط التي يزداد فيها انتشار السيارات الكهربائية؟
كما ذكرنا سابقاً، إن معظم دول الشرق الأوسط تمتاز بمصادر الطاقة وثرواتها الباطنية خاصة النفطية، ومع ذلك فقد بدأت هذه الدول بالفعل بوضع وتطبيق استراتيجيات وخطط صديقة للبيئة والعمل على الحد من الانبعاثات الضارة والتلوث وذلك من أجل السعي نحو ما يسمى "الاقتصاد الأخضر"، وبدأ سوق السيارات الكهربائية بالنمو بشكل سريع وملحوظ في عدة بلدان عربية نذكر أبرزها وبالترتيب.
دولة قطر
اتخذت دولة قطر خطوات جادة في تحقيق أقل نسبة من الانبعاثات الضارة الكربونية بحلول العام 2030، وتمثلت تلك الخطوات بمشروع كبير يستهدف إنشاء وتركيب ما يقارب 100 محطة شحن كهربائي للسيارات والتي من المتوقع أن تساهم بخفض التلوث والانبعاثات بنسبة 7% تقريباً خلال عام 2022.
الإمارات العربية المتحدة
تأتي دولة الإمارات المتحدة في مقدمة قائمة الدول في منطقة الشرق الأوسط من حيث استخدامها للسيارات التي تعتمد الكهرباء، حيث أقر مجلس صناعات الطاقات النظيفة التابع لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن دولة الإمارات تعتبر من بين الأعلى على المستوى العالمي من حيث عدد محطات الشحن للسيارات الكهربائية والتي تقدر بحوالي 240 محطة عامة للشحن معظمها يقع في دبي.
وتجدر الإشارة إلى أن هيئة مياه دبي قامت بإطلاق مبادرة "الشاحن الأخضر" في عام 2015 والتي تهدف لتطوير بنية تحتية من أجل محطات الشحن الخاصة بالسيارات الكهربائية. وقد قدمت هذه المبادرة ما يزيد عن 880 ميغاواط/ساعة من الطاقة الكهربائية من أجل شحن السيارات الكهربائية، وحتى الآن أسهمت مبادرة "الشاحن الأخضر" بتوفير تكاليف الوقود بنسبة عالية وصلت إلى 73%، بالإضافة إلى أنها وفرت خدمة الشحن المجاني عبر محطات الشحن الخاصة بها لمالكي السيارات الكهربائية غير التجارية في عام 2017 واستمرت حتى عام 2021 وذلك لتحفيز الأفراد وتشجيعهم على التوجه نحو استبدال السيارات العادية بالسيارات الكهربائية.
المملكة العربية السعودية
بعد أن أطلقت المملكة العربية السعودية خطتها عن طريق القيام باستثمارات كبيرة جداً بهدف تحقيق الوصول إلى حيادية الكربون بحلول عام 2060، تسعى المملكة السعودية في الوقت الحالي إلى تحويل عدد كبير من السيارات التي تسير ضمن شوارع الرياض إلى سيارات تعمل بالطاقة الكهربائية بحلول العام 2030، وذلك لتحقيق غايتها في تخفيض نسبة الانبعاثات الكربونية إلى ما يقارب النصف ضمن الرياض.
وتجدر الإشارة إلى أن صندوق الاستثمارات العامة والذي يسمى "صندوق الثروة السيادي السعودي" يمتلك استثمارات منذ عدة سنوات في السيارات الكهربائية وذلك عبر الدخول ضمن شراكات مع الشركات المصنعة لتلك السيارات.
ما هي الشروط اللازمة لزيادة السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط؟
على الرغم من أن السيارات الكهربائية تمتلك العديد من العوامل التي تجعلها تتفوق على السيارات العادية، إلا أن تأمين البيئة المناسبة لانتشارها يتطلب عدة شروط ضمن دول الشرق الأوسط وأهم هذه الشروط:
توفير قطع الغيار والصيانة والتدريب المهني
في ظل النمو المتزايد لعدد السيارات الكهربائية في منطقة الشرق الأوسط وتهافت الدول على اعتمادها، من المهم توافر محطات للصيانة وتبديل قطع الغيار وصيانة الآليات المختلفة الموجودة فيها، وذلك في حال حدوث أية أعطال في السيارة أو محطات الشحن، أيضاً من المهم جداً وجود كوادر مدربة ومؤهلة لصيانة مختلف الأعطال والأخطاء في مختلف المركبات الكهربائية.
إجراءات الترخيص والتصاريح لعدادات الكهرباء
من المهم أن تؤمَن الدولة التي يعتمد مواطنوها استعمال السيارات الكهربائية سهولة وسرعة في إجراء التراخيص اللازمة للسيارة بالإضافة إلى تسهيل الحصول على التصريح لتركيب عداد الكهرباء من أجل شحن سياراتهم الخاصة.
إنشاء عدد أكبر من محطات الشحن
لكي تستطيع منطقة الشرق الأوسط اعتماد السيارات الكهربائية، على الدول المعنية تأمين أكبر عدد ممكن من محطات الشحن الكهربائي في أماكن جغرافية متفرقة ضمن البلد الواحد، بالإضافة إلى إلزام محطات المحروقات بتركيب محطات إضافية للشحن الكهربائي.
التحديات التي يواجهها مستقبل السيارات الكهربائية؟
نطاق البطارية
يعتبر النطاق المحدود لبطاريات "الليثيوم أيون" المستخدمة في السيارات الكهربائية من أهم التحديات التي تواجه السيارات المكهربة، حيث يفضل معظم السائقين نطاقاً قدره 435 ميلاً تقريباً، بينما توفر السيارات الكهربائية نطاقاً أقل بين 249 و311 ميلاً فقط. أيضاً إن تصميم البطارية يتقيد بكتلة وحجم العبوة أي كلما كان الحجم أكبر فإن البطارية تتطلب طاقة أكبر من أجل حركة السيارة وهذا له أثر سلبي على تسارع السيارة وكبحها.
خطر الحرائق
وذلك لأن مكونات بطاريات EV سهلة الاشتعال، حيث أن مجال تشغيلها يتراوح بين 15 درجة إلى 45 درجة مئوية فقط، وهو أقل من نطاق تشغيل بطاريات السيارات العادية التي تتراوح بين -30 درجة مئوية إلى 50 درجة.
سرعة الشحن
تستغرق بطارية EV وقتاً طويلاً في الشحن ويختلف الوقت تبعاً لسعة البطارية وسرعة الشاحن الكهربائي. إن الذين يستخدمون شاحن حائط قياسي يستغرقون حوالي 8 ساعات للشحن على طراز "Tesla Model S" الخاص بهم، من جهة أخرى فإن استعمال الشاحن الفائق (السريع) يخفض الوقت المستغرق للشحن إلى ساعة واحدة تقريباً.
التكلفة العالية
إن تكلفة السيارات الكهربائية تعتبر أعلى من نظيراتها التي تعمل بالوقود، ويعود ذلك للعمليات والمواد باهظة الثمن التي تستخدم في تركيب البطاريات. وعلى مدار العقد الماضي، انخفضت تلك النفقات وأصبح سعر السيارة الكهربائية الجديدة يتراوح بين 30 ألف 40 ألف دولار.
التعليقات