امتنعت المحكمة العليا الإسرائيلية عن إصدار قرار في التماس قدمته منظمات حقوقية، منذ ثمانية أشهر، بزعم انتظار اتضاح الحقائق حول الظروف الميدانية، واعترفت السلطات الإسرائيلية في جلسة للمحكمة العليا للنظر في الالتماس اليوم، الأحد، بأنها منعت إدخال مساعدات إنسانية إلى شمال قطاع غزة في تشرين الأول/أكتوبر الفائت، فيما ادعت وحدة "منسق أعمال الحكومة في المناطق (المحتلة)" أنه دخل إلى القطاع منذ بداية الحرب 1.1 مليون طن مساعدات، وأنه بذلك انتهى التزام إسرائيل وأن على حماس تحمل المسؤولية بادعاء أنها تواصل حكم القطاع.
وأكدت المنظمات الحقوقية – وهي: المركز للحفاظ على الحق بالتنقل "مسلك"؛ المركز للدفاع عن الفرد؛ أطباء من أجل حقوق الإنسان؛ جمعية حقوق المواطن؛ ومركز عدالة – على أنه يتعين على إسرائيل ضمان حماية بالحد الأدنى للسكان من كارثة إنسانية ومن القتال، وحذرت من تجاوز عتبة الجوع في شمال القطاع، الذي تبقى فيه حوالي 75 ألفا من سكانه.
وحذرت الأمم المتحدة من أن وضع الأمن الغذائي في القطاع يتدهور يوميا، وأفادت بأن أكثر من مليون إنسان، في وسط وجنوب القطاع، لم يتلقوا مواد غذائية، منذ تموز/يوليو الماضي.
واقتبست مذكرة قدمتها المنظمات إلى المحكمة، في نهاية الأسبوع الماضي، تقارير تؤكد على أن القيود الإسرائيلية تعرقل عمل منظمات الإغاثة وعواقب ذلك الخطيرة على السكان، الذين يكتظون حاليا في خُمس مساحة القطاع.
وذكر تقرير للأمم المتحدة، قبل أيام، أنه لا توجد مطابخ ومخابز في شمال القطاع، وأن 138 مطبخا كانت تنتج 330 ألف وجبة طعام يوميا مهددة بالإغلاق بسبب النقص بالمساعدات الإنسانية. كما أن الغاز للطهي لم يدخل إلى القطاع منذ بداية الحرب، والأخشاب التي تستخدم للتدفئة توشك على الانتهاء.
ونتيجة لذلك، يضطر السكان إلى إحراق النفايات من أجل الطهي أو البحث عن أخشاب في مناطق خطيرة. ومنذ بداية الشهر الماضي، وافقت إسرائيل على دخول وفدي إغاثة إنسانية إلى شمال القطاع، وفرضت عليهما قيودا.
ويضطر السكان البالغين إلى تقليل استهلاك المواد الغذائية من أجل إبقاء طعام لأطفالهم، فيما ارتفع سعر كيس الطحين بزنة 25 كيلوغرام بعشرة أضعاف ووصل إلى 400 شيكل.
وتشير معطيات الأمم المتحدة، التي تضمنها الالتماس، إلى أن 90% من الأطفال في القطاع أصيبوا بأمراض معدية؛ 11 ألف طفل يعانون من تلوث في قنوات التنفس واليرقان والإسهال الدموي؛ ربع النساء تعانين من مشاكل طبية، وليس متاحا لحوالي 155 ألفا منهن الوصول إلى علاج قبل الولادة أو بعدها.
وصادقت إسرائيل، الأسبوع الماضي، على دخول 5 من أصل 10 بعثات إغاثة إلى مستشفى كما عدوان في شمال القطاع، لكن لم يُسمح للبعثات الخمس بإفراغ مواد الإغاثة أو إدخالها للمستشفى. وليس متاحا للغالبية العظمى من سكان شمال القطاع الوصول إلى مياه نظيفة ورفضت إسرائيل المصادقة على طلبات لإدخال وقود لتشغيل منشآت تحلية المياه.
واتهمت منسقة الإغاثة في الأمم المتحدة، جويس مسويا، إسرائيل قبل أسبوعين بارتكاب فظائع في قطاع غزة، وبضمن ذلك تدمير 70% من مساكن القطاع، وعدم تزويد بضائع وخدمات بينها الكهرباء التي قطعت كليا، وشددت على أن عائلات كثيرة في شمال القطاع عالقة تحت الأنقاض، والنقص في الوقود يمنع طواقم الإنقاذ من الوصول إليها.
وتطالب المنظمات الحقوقية بالتماسها إلزام إسرائيل باستنفاد كافة الطرق من أجل الاستجابة لمطالب منظمات الإغاثة وضمان وصول المساعدات الإنسانية لسكان القطاع. وقالت المنظمات إنها تواجه صعوبة في فهم سبب استمرار مماطلة المحكمة العليا والادعاء أنها بانتظار اتضاح الصورة، الأمر الذي يفاقم يوميا الكارثة المروعة في قطاع غزة.
التعليقات