حين رأس "حكومة الإنقاذ" في إدلب، حاول محمد البشير إرساء شيء من النظام في آخر معقل للفصائل المسلّحة المعارضة في مواجهة نظام بشار الأسد.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
حاليا، سيقود خريح كلية الهندسة وهو في الأربعينات من العمر حكومة سورية، على رأس بلد أنهكته 13 عاما من القمع والحرب، ساعيا لتوحيدها انطلاقا من دمشق، المقر التقليدي للسلطة.
وُلد البشير في العام 1983 في جبل الزاوية في محافظة إدلب، في منطقة كان النفوذ الأكبر فيها في السنوات الأخيرة لفصائل المعارضة السورية المسلحة التي نجحت أخيرا بالإطاحة بالأسد.
ودرس البشير الهندسة الكهربائية والإلكترونية في جامعة حلب، كما درس الشريعة والحقوق في جامعة إدلب، وفق سيرته الذاتية. وسبق أن عمل في الشركة السورية للغاز.
واعتبارا من كانون الثاني/ يناير الماضي، ترأس "حكومة الإنقاذ" وهي هيئة إدارية أنشأتها فصائل المعارضة، كما سبق أن تولى منصب "وزير التنمية والشؤون الإنسانية" في الهيئة.
وأنشئت "حكومة الإنقاذ" وقد ضمّت وزارات وإدارات وسلطات قضائية وأمنية، في إدلب في العام 2017 لمساعدة قاطني المناطق الخاضعة للمعارضة حيث لا وجود للخدمات الحكومية.
ومذّاك الحين بدأت توسّع نطاق المساعدة إلى حلب، أول مدينة كبرى خرجت عن سيطرة النظام بعد بدء هجوم فصائل المعارضة المسلّحة المباغت والخاطف في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، وسيطرتها على مساحات شاسعة من الأراضي وصولا إلى دمشق.
لكن إدارة منطقة تابعة للمعارضة يقطنها نحو خمسة ملايين شخص تختلف تماما عن المهمة التي أوكلت إليه الثلاثاء في بلد نخرته الانقسامات ويعاني القسم الأعظم من سكانه من الفقر.
إضافة إلى الانقسامات القائمة بين الفصائل نفسها، تسعى جماعات أخرى للسيطرة على معاقل الحكومة السابقة.
وقال القائد في غرفة العمليات العسكرية لفصائل المعارضة السورية، أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، لمحمّد الجلالي، رئيس الحكومة السورية التي أطيحت بإسقاط الأسد "صحيح أن منطقة إدلب صغيرة ومن دون موارد، لكن الحمدلله انها استطاعت أن تقوم بالكثير خلال الفترة الماضية"، مضيفا "بات لدى الشباب خبرة عالية جدا بعدما بدأوا من لا شيء".
وفي أول ظهور له خارج منطقة إدلب، بدا البشير في تسجيل فيديو للقاء مع الجلالي نُشر الإثنين، جالسا إلى جانب الجولاني ومرتديا بدلة رمادية وساعة ذهبية.
وقال الباحث في المركز العربي في واشنطن رضوان زيادة إن البشير هو "الأقرب" إلى الجولاني وقيادة العمليات المشتركة للفصائل المسلّحة المعارضة.
إلا أن زيادة شدّد على أن "التحديات التي يواجهها كبيرة جدا".
وأضاف "كما كانت الثورة ثورة لكل السوريين، فإن العملية الانتقالية ستكون مسؤولية جميع السوريين لضمان نجاحها وضمان الانتقال السلمي إلى الديموقراطية".
البشير: حكومة تصريف الأعمال لضمان الاستقرار وتقديم الخدمات خلال المرحلة الانتقالية
بدوره، قال البشير، في تصريحات صدرت عنه عقب اجتماع حكومته الانتقالية بالحكومة السابقة لبحث الفترة الانتقالية، إن القيادة العامة كلفت الحكومة بتسيير أعمال الدولة خلال فترة انتقالية تهدف إلى استلام الملفات والمؤسسات الحكومية، وضمان عودة العاملين إليها وتفعيل دورها بما يسهم في تقديم الخدمات للمواطنين في سورية المحررة".
وأوضح البشير أن حكومة تصريف الأعمال تشكلت من عدد من وزراء حكومة الثورة، والمعروفة باسم "حكومة الإنقاذ"، مشيرًا إلى أن هذه الحكومة مؤقتة وستستمر حتى شهر آذار/ مارس 2025، وذلك لحين البت في القضايا الدستورية.
وبيّن البشير أن مهام الحكومة تشمل ضبط الأمن، الحفاظ على استقرار المؤسسات، وضمان عدم تفكك الدولة، مع التركيز على تقديم الخدمات الأساسية للسوريين إلى حين تشكيل حكومة جديدة تحقق تطلعات المجتمع.
وشدد البشير على أن "الشعب السوري يستحق حياة كريمة وخدمات عالية الجودة"، معبرًا عن أمله بأن يتعاون الوزراء في حكومة النظام السابق مع الوزراء الحاليين خلال المرحلة الانتقالية، خصوصًا في ما يتعلق بتسليم الملفات لضمان استمرارية تقديم الخدمات دون انقطاع.
وأوضح البشير "هناك تحديات كبيرة، لكن تجربتنا السابقة في إدارة محافظة إدلب والمناطق المحيطة بها أكسبتنا خبرة واسعة، ساهمت في صقل الموارد والكوادر البشرية التي نمتلكها، مما يجعلنا قادرين على تحمل هذه المسؤولية العظيمة التي أوكلت إلينا".
التعليقات