قال القائد العسكري لهيئة تحرير الشام، التي تقود السلطة الجديدة في دمشق، الثلاثاء، إن المرحلة المقبلة ستتضمن حلّ الفصائل المعارضة بما فيها فصيله، تمهيدا لانضوائها ضمن مؤسسة عسكرية جديدة، تبسط سيطرتها على أنحاء البلاد، بما فيها معاقل القوات الكردية.
وفي مقابلة من أحد الفنادق في مدينة اللاذقية التي شكّلت حتى الأمس القريب، معقل عائلة الأسد، طالب القائد العسكري لهيئة تحرير الشام مرهف أبو قصرة، المعروف باسمه الحربي أبو حسن الحموي، الولايات المتحدة بحذف هيئة تحرير الشام وقائدها أحمد الشرع المعروف باسم أبو محمّد الجولاني من قائمة "الإرهاب" الخاصة بالمنظمات والأفراد، بحسب ما نقلت عنه وكالة "فرانس برس" للأنباء.
وبعد هجوم خاطف استمرّ 11 يوما، تمكّنت فصائل معارضة بقيادة هيئة تحرير الشام، من دخول دمشق في 8 كانون الأول/ ديسمبر، وإنهاء حكم عائلة الأسد الذي استمرّ أكثر من نصف قرن.
وقال أبو قصرة (41 عاما) وهو أساسا مهندس زراعي يتحدر من محافظة حماة، إن "بناء المؤسسة العسكرية هو خطوة قادمة بالتأكيد، ويجب أن تنضوي كل الوحدات العسكرية، بما فيها الجناح العسكري للهيئة، تحت هذه المؤسسة".
وشدّد على أن "عقلية الفصيل لا تتوافق مع عقلية الدولة" التي تعتزم السلطة الجديدة بناءها، بعد إطاحة حكم رئيس النظام المنهار، بشار الأسد، الذي فرّ إلى روسيا.
وعمّا إذا كان سيُصار إلى حلّ جناح الهيئة العسكري، أجاب "بالتأكيد.. سنكون إن شاء الله من أول المبادرين، وسنبقى مبادرين لأي توجه يحقق المصلحة العامة للبلد".
أمام تحدي توحيد البلاد وتطلعات العواصم الأجنبية، تعهد الشرع، الإثنين، حلّ الفصائل التي ساهمت في إسقاط الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر. ودعا إلى "عقد اجتماعي" جديد بين الدولة وكل الطوائف.
وتترقب دول ومنظمات رحّبت بسقوطه، كيف ستتعامل السلطات الجديدة مع الأقليات.
ولا تبدو مساعي توحيد البلاد المشرذمة بسبب سنوات الحرب الطويلة والتي تنتشر فيها فصائل عدة تدين بولائها لجهات مختلفة وأقليات دينية وإتنية، بمهمة سهلة.
وتؤكد هيئة تحرير الشام التي أعلنت فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، أنها نأت بنفسها عن الجماعات الإسلامية المتطرفة، لكنها لا تزال مصنّفة "منظمة إرهابية" من جانب الكثير من العواصم الغربية، ومن بينها واشنطن.
وعدّ أبو قصرة، المقلّ في ظهوره الإعلامي، رغم توليه قيادة الجناح العسكري للهيئة منذ خمس سنوات، أن تصنيف الهيئة وقائدها على قائمة "الإرهاب" أمر "جائر".
وقال "نطالب الولايات المتحدة والدول كلها بإزالة هذا التصنيف... عن شخصه وعن الهيئة ككل"، حتى "تُزال هذه القيود عنها، إذ إنها في المحصّلة ستنخرط في مؤسسات الدولة".
وتابع "نعرف الشيخ الشرع منذ زمن، ولم نر منه إلا حرصا على مصالح الثورة السورية، وحرصا على بناء البلد، وحرصا على إسقاط النظام"، مضيفا أن توجهه العام كان ولا يزال أنّ "سورية لن تكون منطلقا لعداء أي دولة، سواء في الإقليم أو خارجه".
وبموازاة اعتمادهم الحذَر، يسعى الغربيون إلى التواصل مع السلطة الجديدة، ويقولون إن ذلك يأتي لإدراكهم خطر تفكك محتمل للبلاد، وعودة ظهور تنظيم "داعش"، الذي كان الأكراد من المشاركين في التصدي له في سورية.
ورغم إبداء الإدارة الذاتية الكردية التي تسيطر على مساحات شاسعة في شمال وشرق البلاد، استعدادها للحوار مع السلطة الجديدة في دمشق، قال المسؤول العسكري إن مناطق سيطرة جناحها العسكري، قوات سورية الديمقراطية، "ستُضّم" إلى الإدارة الجديدة، مؤكدا أن "سورية لن تتجزأ، ولن توجد فيها فدراليات".
وتواجه السلطة الجديدة تحديات على مستويات عدة، بعدما باتت مناطق شاسعة تحت سيطرتها.
ويأتي ذلك كله على وقع غارات كثيفة تشّنها إسرائيل منذ إطاحة الأسد، طالت عشرات المواقع العسكرية، ومستودعات الصواريخ، والمطارات العسكرية في سورية، تزامنا مع توغل قواتها في المنطقة العازلة في الجولان السوري المحتل.
وطالب أبو قصرة المجتمع الدولي بإيجاد حلّ، واصفا ما يجري على التراب السوري بأنه "جائر"، مشددّا في الوقت ذاته على تأكيد السلطة الجديدة أن "سورية لن تكون منطلقا لأي عداء... أو مشاكل دولية أو إقليمية".
التعليقات