قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، مساء الجمعة، إن بلادها مستعدة لشن المزيد من الضربات العسكرية في سورية، معربة في الوقت ذاته عن أملها في ألا تضطر واشنطن لذلك.
وعقد مجلس الأمن جلسة طارئة، بناء على طلب روسي لمناقشة الوضع في سورية عقب الهجوم الأميركي، والهجوم الكيمياوي الذي نفذه النظام السوري على بلدة خان شيخون في إدلب، الثلاثاء الماضي.
وشهدت الجلسة انتقادات متبادلة بين مندوبي بوليفيا وبريطانيا، على خلفية تباين موقف بلديهما من الهجوم الأميركي.
بدورها، قالت هايلي في كلمتها خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن حول سورية، "إن العالم ينتظر من روسيا أن تتصرف بمسؤولية تجاه سورية، ونتوقع من الأسد وحلفائه أن يتعاملوا بجدية مع ما تقوم به الأمم المتحدة".
وحذرت هايلي الأسد من "استخدام الأسلحة الكيماوي مرة أخرى"، مؤكدة أن بلادها "لن تسمح بذلك".
وتابعت: "حان الوقت لكي نقول كفى، إن جرائم الأسد لن تمر دون عقاب، ويتعين عليه ألا يستخدم الأسلحة الكيمائية مرة أخرى لأننا لن نقف مكتوفي الأيدي". فيما حذّرت من أن الأسد قد "تجاوز الخطوط الإنسانية"، وأن روسيا وإيران تقفان إلى جانبه.
من جانبه، شكك مندوب بوليفيا الدائم لدي الأمم المتحدة، ساشا سيرغون، في الأسباب الحقيقية وراء شن الهجوم الأميركي. وقال الجلسة "إن الضربة الأميركية تشكل انتهاكا للقانون الدولي، وعلينا أن نتذكر مزاعم واشنطن بشأن امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل (عام 2003)، وتبين لاحقا أنه لا وجود لتلك الأسلحة في العراق".
وأضاف السفير البوليفي: "نحن نستخدم كلمات رنانة في مجلس الأمن عن حقوق الإنسان، ولكن عندما لا تتوافق حقوق الإنسان مع مصالح بعض الدول الأعضاء فإنها تضرب بها عرض الحائط".
بدوره انتقد مندوب بريطاني الدائم لدي الأمم المتحدة، ماثيو رايكروفت، موقف بوليفيا الذي عبرت عنه من خلال الإفادة، وقال موجها خطابه لنظيره البوليفي: "أقول للمهتمين بميثاق الأمم المتحدة، لماذا تدافعون عن ديكتاتور سورية؟". وأردف "إن الضربة الأميركية لها ما يبررها، وجاءت استجابة لأصوات الشعب السوري، ولولا مساندة روسيا لكان (بشار) الأسد واقفا الآن أمام العدالة".
بدوره، دعا مندوب الصين ليو جييي، جميع الأطراف إلى "تجنب تصعيد الوضع في سورية". وقال في إفادته خلال الجلسة: "نحن نثمن الجهود الدبلوماسية وندعم وساطة الأمم المتحدة لحل الأزمة، لأن المسار السياسي هو الحل الوحيد للخروج من الأزمة".
ودعا مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة عمرو أبو العطا، كلا من الولايات المتحدة وروسيا إلى "العمل بهدف التوصل إلي تسوية سلمية". وقال إن "سبب الأزمة يعود إلى الحرب الدائرة بالوكالة هناك".
وأضاف أن "السلاح الكيمياوي استخدم مجدداً في سورية"، مشدداً على أن "أحداث خان شيخون شاهدة على أن الحرب بالوكالة أصابت المجتمع الدولي بالشلل"، واعتبر أن "الخلافات والتنافس داخل مجلس الأمن سبّبا إزهاق الأرواح"، داعياً إلى "تعاون الجميع من أجل تحقيق وقف إطلاق النار في سورية"، كذلك طالب روسيا والولايات المتحدة بـ"التحرك الفعال وفق قرارات مجلس الأمن".
أما المندوب الفرنسي، فرنسوا دولاتر، فقال خلال الجلسة "دعونا مراراً المجتمع الدولي للتصدي لجرائم النظام في سورية"، مؤكداً أن "النظام السوري انتهك القانون الدولي مراراً، والقصف الأميركي ردّ مشروع على هجوم النظام الكيمياوي".
وشدد على أنه "لا يجب أن يفلت النظام السوري من العقاب بعد استخدامه الكيمياوي. يجب ألا تمر جريمة خان شيخون دون عقاب"، مضيفاً أن "نظام الأسد واصل استخدام أسلحة الدمار الشامل".
كما ذكّر المندوب الفرنسي بأن "روسيا منعت مجلس الأمن من التحرك ضد نظام الأسد"، مبرزاً أن "بقاءه في السلطة غير أخلاقي ويهدد المنطقة برمتها"، قبل أن يكشف أن "باريس ستتقدم باقتراح، مع عدد من الدول، للتوصل لتسوية سياسية في سورية".
بدوره، انتقد مندوب بريطانيا لدى الأمم المتحدة، ماثيو رايكروفت، بشدة، الموقف الروسي، وقال إن موسكو تدعم مجرم حرب، مؤكداً أنه "لو لم تستخدم الفيتو 7 مرات ما كرر الأسد جرائمه". وبيّن أنّ "النظام السوري استخدم السلاح الكيمياوي في إدلب".
ورأى المندوب البريطاني أنه "لا بد أن يدخل الأسد في نقاش جاد للحل"، وأن "الوقت حان للقيام بعملية سياسية حقيقية".
أما مندوب إيطاليا، فأعرب عن تفهمه "الدوافع التي جعلت الولايات المتحدة تشن هجومها في سورية"، كذلك دان "الهجوم الوحشي لنظام الأسد على خان شيخون"، داعياً المجتمع الدولي للتوصل إلى "انتقال سياسي وفق مقررات جنيف". وشدّد أيضاً على وجوب التوصل إلى "وقف حقيقي لإطلاق النار في سورية".
في المقابل، عبّر السفير الروسي، فلاديمير سافرونكونف، عن غضبه الشديد من الضربات على مطار الشعيرات في سورية، واتهم الدول الغربية، الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، بـ"رغبتها بتغيير نظام الحكم في سورية"، وقال إنها "تخاف من التحقيقات في خان شيخون"، متهماً السفير البريطاني بـ"الكذب".
كذلك وجّه الانتقادات والاتهامات لمنظمة حظر الأسلحة الدولية، وقال إنها في تحقيقاتها تستمع بشكل رئيسي للمعارضة، قبل أن يطلب من "واشنطن والآخرين ألا يوجهوا الإهانة لبلاده".
وحول تأجيل مجلس الأمن التصويت على مشاريع قرار متعلقة بخان شيخون، قال إن "تأجيل التصويت على مشاريع القرار جاء بنية مسبقة للقيام بهجمات، وليس من أجل المزيد من المشاورات كما قيل لنا".
مندوب بوليفيا في الأمم المتحدة، ساشا سوليس، وصف الضربة الأميركية بـ"الانتهاك الخطير للقانون الدولي"، وقال إنّ "الولايات المتحدة خرقت شرعة الأمم المتحدة عبر شنها غارات أحادية على سورية"، وإنّ ضرباتها الصاروخية "تهدد العملية السياسية الجارية في جنيف".
من جهته، دعا مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، جيفري فيلتمان، الأطراف التي تشارك بالعملية العسكرية في سورية، إلى استئناف المفاوضات، مشدداً على أنه "ينبغي ألا تتوفر أي حماية لمن ينتهكون حقوق الإنسان في سورية".
التعليقات