لقاء مع المرشح الرابع في قائمة التجمع الوطني الديمقراطي لانتخابات الكنيست جمعة الزبارقة
*ماذا يحضر جمعة الزبارقة معه للكنيست؟ أي ما هو الجديد الذي يضيفه للقائمة وللمجتمع؟
أولا أنت تعلم أن المواجهة محتدمة الآن في النقب بين أهل الأرض الأصليين وبين السلطات الإسرائيلية من خلال الهجمة غير المسبوقة على أهلنا وأراضيهم، والتجمع الوطني الديمقراطي كان حاضرًا بقوة في كل صغيرة وكبيرة ممثلا بالنواب أحيانا وبالنشطاء الميدانيين أحيانا أخرى، وبما أنني قادم من قلب المعاناة فلدي الكثير الذي سأحمله معي إلى الكنيست، وسأقوم إلى جانب زملائي في التجمع للاشتباك السياسي والميداني دفاعا عن أهلنا في النقب وفي سائر مدننا وقرانا في الجليل والمثلث.
أستطيع القول إن الجديد الذي أضيفه هو بالأساس هما موضوعان رئيسيان، الأول رفع قضية النقب بكل قوة كإبن لهذا الجزء من بلادنا، مثل مخطط برافر الترحيلي والقرى غير المعترف بها، وأنا شخصيا أعيش في قرية غير معترف بها.
ثانيا قضايا الصحة، حيث جئت من هذا المجال وعملت فيه نحو ثمانية عشرة عامًا، وأنا ملم بتفاصيل الوضع الصحي والطبي والمعيقات التي تمنع تطوره، من رؤية إدارية بحتة، على أي حال الموضوعان مرتبطان ارتباطا موضوعيًا وذلك نتيجة سياسة حكومات متعاقبة.
*كيف ترى آفاق العمل البرلمأني في سياق قضايا النقب الملتهبة؟
أتوقع أن يكون العمل شاقًا جدا خصوصًا في ظل حكومة متطرفة، ولكن سنعمل بشكل يختلف عن عملنا حتى اليوم، سنعمل بأسس علمية وسنقوم بعمل ميداني أكثر، وجرد للوضع القائم بطرح علمي مبني على اساس قضايا الناس اليومية دون التنازل عن الثوابت، من ناحية أخرى سنطرح قضية النقب في المحافل الدولية لأن حل قضيتنا لن يتأتى من خلال مخططات حكومية، وأنا من الذين يؤمنون بتدويل قضيتنا في النقب وكذلك في بقية المدن والقرى العربية كوننا أقلية قومية لها خصوصياتها، ولن نسمح باندثارها وانصهارها في المجتمع الإسرائيلي، هناك أيضا قضية هامة وهي بناء مؤسسات منتخبة من الناس تتابع القضايا اليومية، خصوصا الأرض والمسكن، وسنعمل على الاستثمار في الإنسأن العربي للحفاظ على شخصيته الوطنية ليبقى مستعدًا لمواجهة المخططات السلطوية الخطيرة وخاصة مخطط برافر الذي يهدد بمصادرة أكثر من ثمانمئة ألف دونم.
*ليس سرًا أن النقب هو آخر ساحات المواجهة اليوم مع المؤسسة باعتباره المخزون الأكبر المتبقي للأراضي التي يهدد مخطط برافار بالتهامها، أين يقف الأهالي والمجتمع الفلسطيني ككل اليوم إزاء هذا المخطط؟
على ما يبدو أن المواجهة المقبلة مع السلطة ستكون في النقب، ونحن نرى أن قضية النقب هي قضية كل عربي في الداخل، ونرى أن هناك عدم استيعاب لحجم المأساة وخطورة مشروع التهجير والترحيل علينا، لذا من الأهمية بمكان شرح المخطط ليس فقط في النقب بل في أوساط فلسطينيي الداخل من فسوطة في أقصى الشمال وحتى بير هداج في الجنوب، وبهذا سندخل القضية في كل بيت من بيوتنا، ونجعل المشكلة مشكلة الكل الفلسطيني من منطلق أن الاحتياطي المتبقي للعرب من أراض هو فقط في النقب .
*لكن النقب ليس فقط برافار، فالحياة الصعبة فيه قائمة منذ النكبة، أم أنه لا يمكن الفصل بين تخيير أهل النقب بين قبول الإملاءات الحكومية مقابل العيش المريح وبين شظف العيش والمعاناة إذا أصروا على موقفهم؟
الشعوب في العالم تتطور بشكل تدريجي وأحيانا بشكل ارتجالي، والناس تسعى أن تحسن ظروف حياتها وهذا شيء طبيعي، أما بالنسبة لقضية النقب، فالحكومات المتعاقبة تريد أن تفرض حلا من طرف واحد بالشكل الذي تراه، وأهل النقب يعلمون جيدًا أن ما يجري وما تريده السلطات هو تجريدهم من حق الملكية على الأرض، وهذا واضح جدا، من ناحية أخرى لا نرفض التقدم، بل نسعى لنيله لكن ليس بكل ثمن، ولو خير اهل النقب بين الاكتفاء بالعيش البسيط الممزوج بالمعاناة، وبين التنازل عن ملكية الأرض، فكلي ثقة أنهم سيختارون الخيار الأول أي التمسك بالأرض ومواصلة المواجهة، يجب أن لا ننسى أن الهجمة لم تقتصر على مصادرة الأرض التي بدأت منذ عام النكبة، بل رافقها مخططات تجهيل وتهميش ومصادرة للهوية الوطنية وصولا إلى تفكيك البنية الاجتماعية والاقتصادية لنتحول إلى عائلات وعشائر متناحرة فيما بينها.
*هل ساهمت إقامة البلدات الدائمة خاصة بعد اتفاقية السلام مع مصر في رفع مستوى حياة العرب في البلدات الرئيسية، مثل رهط وتل السبع وغيرها أم أنها كأنت جزءا من خطوة رمت إلى الزج بأهالي النقب في غيتو كبير؟
من الواضح أن مخططات السلطات الإسرائيلية من وراء إقامة بلدات للعرب هو الاستيلاء على الأرض في المقام الأول وتجميعنا في غيتووات للنوم فقط تفتقر إلى الحدود الدنيا لمقومات الحياة البسيطة، وقد نجحت السلطات في تدمير البنية الاقتصادية بما في ذلك الحفاظ على نمط الحياة الحقيقي للناس، والحفاظ على موروث تربية المواشي الذي سعت السلطات إلى تدميره والقضاء على هذا الجانب الهام من اقتصادنا، بالإضافة إلى الزراعة التي طالما ارتكز عليها ابن هذه البلاد، واسمح لي أن اقول لك باختصار أن قرانا القائمة باتت نقمة علينا، فازداد الفقر وتفاقمت البطالة واتسعت الجريمة ودمرت البنية الإجتماعية التي كانت أساسا لتوحيد النقب .
*لكن جمعة الزبارقة يذهب ممثلا عن التجمع وبالتالي أيضا عن أهالي المثلث والجليل ومدن فلسطين التاريخية، وهناك متسع وفضاء واسع للعمل والمواجهة، فهل حددت مثلا طبيعة العمل وأولويات القضايا الأخرى لعملك البرلماني؟
طبعا، نحن لسنا حزبًا إقليميا، نحن حزب منطقي وليس مناطقي، سوف نعمل أيضا مع المواطنين ومن أجل المواطنين في كل البلاد وخصوصا في المجالات التي سبق وذكرت في إجابتي الأولى، عطاءنا لن ينقطع.
*هناك قضايا قطرية متقاطعة بين العرب في مختلف أماكن تواجدهم، مثل قضايا الفقر وانعدام الخدمات الاجتماعية المختلفة، وأنت بالأساس في تعليمك المهني جئت من مجال الخدمة الإجتماعية، كيف تؤثر الأوضاع السائدة عند العرب على تطور مجتمعهم في المستقبل؟
الأوضاع السائدة اليوم عند العرب تعيق تقدمهم للأسف، لكونهم مرتبطين ارتباطًا كليا بالمؤسسات الإسرائيلية العنصرية، فلا يمكن مثلا القضاء على الفقر بدون بناء مؤسسات اقتصادية واستثمارات وإقامة مشاريع في القرى والمدن بشكل عام تقوم بوضع المعيقات لمنح التراخيص المطلوبة لذلك، وهذا الأمر ينسحب على العرب ليس فقط في النقب بل في كل بلادنا.
نحن سنعمل من خلال تجاربنا وخبراتنا على بناء خطط علمية مدروسة ومتكاملة من أجل تغيير الواقع المرير، وإذا لم ننجح في مواجهتنا مع المؤسسات الإسرائيلية فلم يبق أمامنا سوى التوجه إلى المحافل الدولية والقضائية.
*هناك من يدعون الأحزاب العربية إلى إهمال "السياسة" والاشتغال بقضايا الناس، كابن للنقب، هل تعتقد أن هذا الفصل جائز وممكن أصلا؟ أليست هذه القضايا والمشاغل نتاج سياسة واضحة وعليا؟
الفصل غير ممكن بين القضايا اليومية للناس والسياسة، وذلك لسبب بسيط، وهو أن نهج السلطة بحقنا يجيء من منطلقات سياسية بحتة، لذا لا يمكن الفصل بينهما بل بالعكس هذا يؤكد ما نطرحه دائما بأن القضايا اليومية والقومية مرتبطتان ارتباطا كليا.
التعليقات