27/06/2024 - 17:42

ذوبان ثلوج إيفرست يكشف عن جثث مئات لقوا حتفهم أثناء تسلّقه

وعثر على جثث كثيرة في "منطقة الموت"، حيث يزيد انخفاض مستويات الأكسجين من خطر الإصابة بمرض الجبال الحادّ (او داء المرتفعات) الّذي يصبح قاتلًا بعد فترة معيّنة...

ذوبان ثلوج إيفرست يكشف عن جثث مئات لقوا حتفهم أثناء تسلّقه

(Getty)

يؤدّي تغيّر المناخ إلى ذوبان طبقات من الثلج والجليد على سفوح جبل إيفرست، وكلّما خلع جزءًا من ردائه الأبيض، تكشّفت بين صخوره جثث مئات المتسلّقين الّذين لقوا مصيرهم الأسود خلال محاولتهم الوصول إلى سطح العالم.

ومن بين من تسلّقوا أعلى قمّة في سلسلة جبال الهمالايا هذا العام، فريق لم يكن هدفه الوصول إلى القمّة البالغ ارتفاعها 8849 مترًا، بل البحث عن الجثث المنسيّة.

وعلى الرغم من المخاطرة بحياة أعضائها، نجحت المجموعة في انتشال خمس جثث مجمّدة بينها هيكل عظميّ، أعيدت إلى العاصمة النيباليّة كاتماندو.

وتمّ التعرّف على جثّتين في انتظار نتائج "الاختبارات التفصيليّة" للتأكّد من هويّتهما، بحسب راكيش غورونغ من وزارة السياحة النيباليّة. ومن المحتمل أن تحرق الجثث الّتي لن يعرف أصحابها.

وترمي هذه الحملة النيباليّة إلى تنظيف جبل إيفرست والقمم المجاورة لوتسي ونوبتسي، في مهمّة صعبة وخطرة.

وقال أديتيا كاركي، وهو مسؤول في الجيش النيباليّ يترأّس فريقًا مؤلّفًا من 12 جنديًّا و18 متسلّق جبال، "بسبب آثار ظاهرة الاحترار المناخيّ، أصبحت الجثث والنفايات مرئيّة بصورة متزايدة مع تقلّص الغطاء الثلجيّ".

وقد لقي أكثر من 300 شخص مصرعهم فوق الجبل منذ بدء مهمّات تسلّقه خلال عشرينات القرن الفائت، ثمانية منهم في الموسم الفائت وحده.

وبقيت جثث كثيرة فوق الجبل، بعضها غمرته الثلوج والبعض الآخر سقط في شقوق عميقة. وقد باتت جثث لم تزل عنها ملابس التسلّق الملوّنة نقطة مرجعيّة للمتسلّقين، ونسبت إليها ألقاب مثل "الحذاء الأخضر" أو "الجميلة النائمة".

ويقول أديتيا كاركي "ثمّة تأثير نفسيّ لذلك، فالأشخاص يعتقدون أنّهم يدخلون أراضي رائعة عندما يتسلّقون الجبال، لكن إذا صادفوا جثثًا خلال مسارهم، فقد يتأثّرون سلبًا".

وعثر على جثث كثيرة في "منطقة الموت"، حيث يزيد انخفاض مستويات الأكسجين من خطر الإصابة بمرض الجبال الحادّ (او داء المرتفعات) الّذي يصبح قاتلًا بعد فترة معيّنة.

وقد استغرق انتشال جثّة مغمورة بالجليد حتّى الصدر 11 ساعة، واستخدام الماء الساخن والفأس في العمليّة.

ويقول تشيرينغ جانغبو شيربا الّذي قاد بعثة استعادة الجثث إنّ "الأمر صعب جدًّا، فإخراج الجثّة مهمّة وإنزالها مهمّة أخرى".

ويشير إلى أنّ عددًا من الجثث بقي كما كان تمامًا وقت وفاة أصحابها، مع كامل ملابسها والأشرطة والأحزمة.

وتبقى استعادة الجثث من المرتفعات موضوعًا مثيرًا للجدل بين أوساط متسلّقي الجبال، وهي مسعى يكلّف آلاف الدولارات ويتطلّب ما يصل إلى ثمانية عناصر إنقاذ لكلّ جثّة.

ويصعب على علوّ مرتفع حمل ما هو ثقيل في وقت قد يتخطّى وزن الجثّة 100 كيلوغرام. ومع ذلك، يرى كاركي أنّ هذا الجهد ضروريّ.

ويقول "نحن بحاجة إلى إعادة أكبر عدد ممكن من الجثث. فإذا تركناها خلفنا، ستتحوّل جبالنا إلى مقابر". وخلال المهمّات، غالبًا ما يتمّ لفّ الجثث في كيس ثمّ يتمّ إنزالها بواسطة زلّاجة.

وعثر على جثّة قرب قمّة لوتسي، رابع أعلى قمّة في العالم بارتفاع 8516 مترًا، وكان إنزالها إحدى أصعب المهامّ، وفق تشيرينغ جانغبو شيربا.

ويقول "كانت الجثّة متجمّدة وكانت اليدان والرجلان متباعدة"، مضيفًا "تعيّن علينا حملها كما هي إلى مجمع التخييم 3، وهناك استطعنا نقلها عبر زلّاجة".

فبينما عثر سنة 1999 على جثّة جورج مالوري، وهو متسلّق جبال بريطانيّ اختفى عام 1924، لم يعثر قطّ على جثّة زميله أندرو إيرفين. ولن تتمكّن سوى الكاميرا الخاصّة بهما من توفير دليل على عمليّة تسلّقها الناجحة الّتي ربّما ستعيد كتابة تاريخ تسلّق الجبال.

وقد شارك في حملة التنظيف الّتي بلغت ميزانيّتها أكثر من 600 ألف دولار، 171 مرشدًا نيباليًّا أعادوا 11 طنًّا من النفايات.

وعلى المسار المؤدّي إلى القمّة، عثر على خيم ملوّنة ومعدّات تسلّق مرميّة واسطوانات غاز فارغة وحتّى براز بشريّ.

ويقول تشيرينغ جانغبو شيربا "لقد منحتنا الجبال فرصًا كثيرة، وعلينا أن نكافئها ونزيل منها النفايات والجثث".

وراهنًا، بات يفرض على البعثات التخلّص من نفاياتها. ويقول كركي "على متّسقّي الجبال أن يعيدوا نفاياتهم هذا العام. ولكن من سيزيل النفايات القديمة؟"

التعليقات