"معاناتنا لا تنتهي": قرية سوسيا بالضفة الغربية... خوف دائم من هجمات المستوطنين

تقول امرأة من سكّان القرية: "قبل الحرب كنا نخرج وندافع عن أنفسنا ونطردهم من أرضنا، لكن اليوم عندما يأتون إلى أرضنا نخاف أن نتحرك"، وتوضح أن المستوطنين مسلّحون، ويتمتعون بحماية جيش الاحتلال، وتقول "هجموا على البيوت، ضربونا".

نساء مع أطفالهنّ في قرية سوسيا (Getty Images)

يسكن الرعب في عيني سميحة إسماعيل، ويظهر التوتر على يديها المرتعشتين، وهي تقدّم القهوة أمام منزلها الذي بقيت حبيسة فيه، منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، خشية المستوطنين، وهجماتهم المتكررة على قريتها سوسيا، بجنوب الضفة الغربية المحتلة.

وتتذكر سميحة إسماعيل (53 عاما)، كيف هاجم المستوطنون في اليوم التالي لاندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، قريتها الواقعة على رأس تل، متوعدين أهلها بالانتقام منهم و"إذلالهم".

ومنذ أكثر من تسعة أشهر، يلزم سكان القرية وعددهم 450 منازلهم معظم الوقت. حتى أغنامهم، مُنعت من أن تسرح للرعي.

تقول إسماعيل بخوف: "كلما ذهبنا إلى المراعي، يأتي المستوطنون ويطردوننا".

وفيما تنتشر أغنام المستوطنين على التلال القريبة، يقول أهالي سوسيا إنه لم يعد لديهم مصدر رزق يعتاشون منه. وأرسلت منظمة مساعدات دولية بعض المعالجين النفسيين لمساعدتهم على تحمل الوضع.

"معظمنا لا ينام"

وتقول إسماعيل: "قبل الحرب كنا نخرج وندافع عن أنفسنا ونطردهم من أرضنا، لكن اليوم عندما يأتون إلى أرضنا نخاف أن نتحرك".

وتوضح أن المستوطنين مسلّحون، ويتمتعون بحماية جيش الاحتلال، وتقول "هجموا على البيوت، ضربونا". وتم اعتقال زوجها وابنها.

(Getty Images)

ومنذ اندلاع الحرب، سجل التوسع الاستيطانيّ المخالف للقانون الدوليّ، أرقاما قياسية جديدة. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد صادقت في حزيران/ يونيو على مصادرة 12,7 كيلومترا مربعة من أراضي الضفة الغربية المحتلة. وهذه المصادرة تعتبر الأكبر منذ ثلاثة عقود بحسب منظمات غير حكومية.

وإضافة إلى مصادرة الأراضي، ظهرت منذ بداية العام 25 بؤرة استيطانية عشوائية، لا تتضمنها خطط الاستيطان الحالية في جميع أنحاء الضفة الغربية، وفقًا لمنظمة "السلام الآن"، وهي منظمة تعنى بمراقبة الاستيطان وتوثيقه.

وقال الأهالي إنه منذ ذلك الحين، تعرضت القرية لعدة غارات ليلية قام خلالها عناصر يرتدون الزي العسكري بتحطيم الأبواب ونهب الممتلكات، بما في ذلك الدواب؛ كما دخلوا بعض المنازل لترهيب السكان، وهذا جعل الرعب يدبّ فيهم مع قدوم الليل، ويحرم معظمهم من النوم.

وتقول إسماعيل: "معظمنا لا ينام في الليل، نسهر، ولا ننام في النهار أيضا".

أما محمد النواجعة (78 عاما) فيقول إنه "أكبر من دولة إسرائيل" التي وُلد قبل تأسيسها في العام 1948. ويقول الراعي الذي يعتمر كوفية فلسطينية: "كل محاولاتهم هذه لتهجيرنا".

(Getty Images)

ويضيف: "بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، استولوا على كل هذه التلال، طردونا في العام 1948 وفي 1967... والآن مرة أخرى في 2024، لكن هذه الأرض لنا".

"لا اضطرابات ما بعد الصدمة هنا... إنها صدمة مستمرة"

وتشهد الضفة الغربية تصاعدا في اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه، منذ أكثر من عام، لكنّ الوضع تدهور منذ اندلعت الحرب على غزة.

ومذّاك، استشهد ما لا يقلّ عن 579 فلسطينيا في الضفّة برصاص القوات الإسرائيلية أو المستوطنين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وقتل ما لا يقل عن 16 إسرائيليا، بينهم جنود بجيش الاحتلال، في هجمات شارك فيها فلسطينيون، وفقا للأرقام الإسرائيلية الرسمية.

ويقول محمد النواجعة إنه في خوف دائم على أحفاده ويحاول منعهم من مغادرة المنزل.

وتشمل اعتداءات المستوطنين تهديدات بالطرد. ويشرح النواجعة "يأتي المستوطن ويقول هذا البيت لي".

المسنّ محمد النواجعة (Getty Images)

ودفع التوتر في القرية الفلسطينية منظمة "أطباء بلا حدود" إلى إنشاء عيادات في خيام لمساعدة الأهالي. وتقول منسقة المنظمة، سيمونا أونيدي: "ليس هناك شك في أن هذه هي المشكلة الأكبر هنا".

وتضيف "لا يمكننا التحدث عن اضطرابات ما بعد الصدمة هنا، إنها صدمة مستمرة".

ومثل كثير من أهل القرية، لم ينج عبد الرحيم النواجعة (60 عاما) من اعتداءات المستوطنين. ويقول وهو يقلم الشجرة الوحيدة التي بقيت في محيط منزله "معاناتنا لا تنتهي".

ويروي النواجعة كيف قتل مستوطن والده قبل سنوات بسبب خلافات مع مستوطن آخر فقد خروفه.

وروى كيف هُدم منزله وممتلكاته "عدة مرات"؛ وكيف يُطلق الجيش العنان للمستوطنين، بقوله "يأتي الجيش ليحرسهم، يفعلون ما يريدون... لا تستطيع فعل أي شي، الجندي يضع السلاح في رأسك ولا تستطيع فعل أي شيء".

ورغم المخاوف من التهجير القسري الذي يطارد سوسيا وأهلها، إلا أن محمد النواجعة يؤكد بحزم: "سنبقى في بيوتنا".

التعليقات