فاجأ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، العالم أمس، الإثنين، بالإعلان عن نيته سحب القوات الروسية من سورية. ويحاول الكثيرون فهم الأسباب التي دعت بوتين إلى اتخاذ هذا القرار، ولكن ما زالت تحوم تساؤلات حول حجم القوات الروسية التي سيتم سحبها من سورية، وما هو مصير الدعم الروسي للنظام السوري.
وسعى محللون إسرائيليون، اليوم الثلاثاء، إلى تحليل الخطوة الروسية، وما إذا كانت مفاجئة فعلا. ولفتت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' إلى أن هذه الخطوة قد لا تكون مفاجئة بالنسبة للأميركيين. فقد التقى وزيرا الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، والأميركي، جون كيري، في عمان الأسبوع الماضي، وأعقب ذلك تصريحات متفائلة من جانب البيت الأبيض حول مستقبل المحادثات في جنيف بين النظام والمعارضة في سورية.
يشار إلى أن قرار بوتين بالتدخل في الحرب الدائرة في سورية كان يهدف بالأساس إلى الحفاظ على المصالح الروسية، وليس التعاطف مع النظام أو حبا برئيس هذا النظام، بشار الأسد. كذلك فإن الأداء الروسي في سورية لا يأخذ الأسد بالحسبان، ولا حتى مصالحه. فقد أدى دخول روسيا إلى سورية، على سبيل المثال، إلى إبعاد إيران، حليفة النظام، عن سورية. كما أن التدخل الروسي لم يمنع استمرار الغارات الإسرائيلية في سورية، وتحديدا ضد حلفاء النظام.
من جانبه، اشتم المحلل العسكري في 'يديعوت'، أليكس فيشمان، رائحة صفقة بين روسيا والسعودية، ومع أميركا أيضًا. ومن شأن الوضع الاقتصادي الروسي المتردي، وهو الجانب الأهم بين كافة الاعتبارات، أن يبرر صفقة روسية – سعودية، وفقا لفيشمان، خاصة في ما يتعلق بأسعار النفط التي ساهم انخفاضها في ضرب الاقتصاد الروسي.
وربما بإمكان بوتين أن يسمح لنفسه بإبرام صفقات كهذه، في حال عادت عليه بالمنفعة. فقد أعلن بوتين أن قراره لا يشمل سحب كافة القوات الروسية من سورية، وإنما سيبقي قاعدة جوية في اللاذقية وقاعدة بحرية في طرطوس، وإبقاء السيطرة الروسية في هاتين المنطقتين كان أحد أسباب التدخل الروسي في سورية.
من الجهة الأخرى، يدور الحديث منذ شهور عن مخطط روسي لتقسيم سورية إلى ثلاث أقاليم أو أربعة، على أساس طائفي ومذهبي، وبحيث يربط بينها حكم فدرالي.
واعتبر محلل الشؤون العربية في صحيفة 'هآرتس'، تسفي بارئيل، أن 'روسيا أقامت في سورية ستاتيكو عسكريًا'. وأضاف أنه من جهة، الأسد سيواجه صعوبة في مواصلة الحرب لوحده ضد المعارضة. ومن الجهة الأخرى، يضع اتفاق وقف الأعمال العدائية المعارضة أمام معضلة وعلى المعارضة أن تقرر ما إذا كانت تريد خرقها. 'ولذلك، قد تكون هناك مصلحة لدى جميع الأطراف بإنجاح المداولات السياسية... وهكذا سيتمكن كل طرف من الحفاظ على المناطق التي يسيطر عليها، والتمتع برعاية دولية والبدء في ترميم البلاد'.
واستدرك بارئيل أن المعارضة قد ترفض هذا المخطط الروسي، كما أن النظام والميليشيات الموالية له قد ترفضه أيضا. لكن النظام لن يتمكن من الاعتماد على دعم روسي.
وأشار محلل الشؤون الأمنية والإستراتيجية في صحيفة 'معاريف'، يوسي ميلمان، إلى أن بوتين حذر ولن يكرر أخطاء الرئيس السوفييتي، ليونيد بريجينيف، بالغوص في وحل دول أخرى، مثلما حدث لدى غزو أفغانستان. ولذلك فإن بوتين لن يسمح بالغوص في الوحل السوري.
واعتبر ميلمان أن انسحابًا روسيًا من شأنه أن يعيد إيران إلى مكانة الصدارة في سورية، بحيث تملأ إيران الفراغ الذي تتركه روسيا في سورية.
موقف إسرائيل من القرار الروسي
الموقف الإسرائيلي من القرار الروسي بالانسحاب من سورية ليس واضحًا تمامًا. وقال المسؤول السابق في الموساد والمدير العام الحالي لوزارة شؤون الاستخبارات الإسرائيلية، رام بن باراك، لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه 'لا شك في أن وجود روسيا قريبا منا لهذه الدرجة له تبعات ولكن توجد فيه فرص. وروسيا هي جهة قوية جدا بالإمكان التحدث معها، فهذه تشكل فرصة وليس خطرا فقط'.
وكتب ميلمان أنه 'بالنسبة لإسرائيل، توجد في القرار الروسي ناحية إيجابية وليس خطرا فقط. فمن جهة، يعيد القرار لإسرائيل حرية العمل العسكري المطلق تقريبا الذي كانت تتمتع به قبل التدخل الروسي، ومن دون تنسيق نشاطها الجوي في الأجواء السورية والتوتر كلما دخلت طائرة روسيا إلى أجواء هضبة الجولان. ومن الجهة الأخرى، فإن حرية العمل الإسرائيلية قد تصطدم بالهيمنة الإيرانية المتجددة في سوريا'.
اقرأ/ي أيضًا | بالصور: روسيا تبدأ سحب قواتها وعتادها العسكري من سورية
بدوره اعتبر فيشمان أنه بالنسبة لإسرائيل، فإنه 'من وجهة النظر الأمنية الموجودة، فإن الوجود الروسي في سوريا كان عامل اعتدال. كذلك فإن الحوار الذي نشأ بين الجيشين الإسرائيلي والروسي، فتح خيارات سياسية. وهكذا فإنه بالنسبة لنا، هذا القرار ليس بشرى كبيرة، إذ أن الروس يغادرون والإيرانيين سيعودون'.
التعليقات