"كانت أيام حلوة ولكنهم سرقوا منا الحاضر والمستقبل.. لنا الله"، هكذا يسترجع المغرد يوسف عبدالله، عبر هاشتاغ (وسم) #أنا_شاركت_في_ثورة_يناير، علي موقع التواصل الاجتماعي"تويتر"، بدايات قصته مع أحداث الغضب في كانون الثاني/يناير 2011، التي كانت سببًا في الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق، حسني مبارك، وكتابة تغيير لم تشهده مصر منذ أكثر من 30 عامًا وقتها.
كانت شرارة تلك الذكريات التي تتواصل لليوم الثالث علي التوالي، ويقترب علي مرورها 5 سنوات، ذلك الهاشتاغ الذي أطلقته، المعارِضة، أهداف سويف عبر منصة "تويتر"، تعقيبا علي حبس السلطات المصرية طبيبًا مصريًا يدعى طاهر مختار، بتهمة المشاركة في ثورة يناير، وسبقتها على "فيسبوك"، النقابية المعروفة مني مينا، للتأكيد على "المشاركة في الثورة".
وتحول الهاشتاغ إلى صفحة على "فيسبوك"، تحمل الاسم ذاته "أنا شاركت في ثورة يناير"، وسط إعجاب بالصفحة تجاوز الـ 5 آلاف، حتى الساعات الأولى من صباح اليوم، الإثنين، بعد ساعات من تدشينها، وإصدارها بيانا داعما للثورة ووقع عليه سياسيون بارزون منهم، عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية المعارض.
وفي عام 2010، انطلقت عبر منصات التواصل الاجتماعي، لاسيما "تويتر" بمصر، دعوات شبابية للمشاركة يوم 25 كانون الثاني/يناير 2011، للتعبير عن رفض الانتهاكات التي تمارسها السطات، بالتزامن مع الثورة التونسية، وسرعان ما تحول الغضب إلي انتفاضة شعبية، دفعت الرئيس المصري آنذاك، حسني مبارك، للتنحي في شباط/فبراير 2011، الأمر الذي يتكرر هذا العام مع هاشتاغ #أنا_شاركت_في_ثورة_يناير، الذي غلب عليه استرجاع ذكريات الثورة المصرية، دون الحديث عن مشاركة في ذكراها الخامسة من عدمه.
يصف سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، حالة استمرار الهاشتاغ لأيام بأنه، "دلالة للحنين إلي الماضي، وتذكرة بالمشاركة وما فيها من صعوبات وتضحيات".
وأشعل الهاشتاغ ذكريات نشطاء ثورة يناير بمصر، الذين اعتبروها "أعظم عمل في حياتهم" وفق تغريدة الناشط "شادي الغزالي حرب"، ووصفتها الناشطة، إسراء عبد الفتاح، في تغريدة أخرى بأنها "الثورة التي لن ولم تموت وستكتب أنها أعظم وأنبل ما فعله جيلنا".
ذكريات وائل غنيم، الناشط البارز في ثورة يناير أبان إدراته لصفحته الأشهر"كلنا خالد سعيد"، تقول في تدوينة عبر صفحته على "فيسبوك": "يوم 25 يناير 2011 كان أول مظاهرة في الشارع أشارك فيها، وصلت في الميعاد المتفق عليه عند القصر العيني (وسط القاهرة)، بس للأسف ملقيتش (لم أجد) غير حوالي 50 شخصا متجمعين وحواليهم بتاع (نحو) 300 عسكري أمن مركزي".
وأضاف غنيم، "أصبت بخيبة أمل وقلت للي حواليه في نبرة يائسة مش ممكن كل الناس اللي على الإنترنت دي تطنش (تتجاهل) واللي ييجي (يأتي) خمسين بس"، مستكملًا "سمعني واحد كبير في السن، فقال لي بصوت الواثق من نفسه: "متقلقش. كلها ساعتين تلاتة والناس تيجي، إنت في مصر يا ابني، محدش بييجي في ميعاده".
وكانت الثورة عبارة عن "صرخة مستمرة" وفق ما كتب الحقوقي نجاد البرعي، متذكرًا الثورة، "#انا_شاركت_في_ثورة_يناير واحد من ملايين.. لن أنسى أنني صرخت للحرية، حتى لو لم تسمعني سينقل التاريخ لها يوما صرختي وسينعم أحفادي بما فاتني".
وتذكر الحقوقي المصري، جمال عيد، 4 سنوات ماضية على مرور أحداث 25 يناير، "كانت الثورة الوحيدة، ورجعت مصر للمصريين، وفاضل شويه (يتبقي قليلًا) وتكمل".
ويرى الأكاديمي سعيد صادق هذه المشاعر والآمال "معبرة عن جزء من توجهات الرأي العام"، مستدركًا، "لكن نحن أمام طريقة تعبير عن الذكريات لن تستطيع أن نراها تترجم مواقفها إلا فعل سياسي في الشارع حتى قبيل أيام منذ الذكرى".
أما ممدوح حمزة، السياسي الذي أيد السيسي ثم ما لبت أن عارضه، غرد تحت الهاشتاغ ذاته، قائلًا: "أعلن بمنتهي الفخر والاعتزاز واعترف بأن أفضل شيء عملته في حياتي"، وكذلك فعل خالد تليمة، المؤيد للسيسي، كتب مغردًا " فخور أن "#أنا_شاركت_في_ثورة_يناير".
وغرد خالد داود، المتحدث السابق باسم حزب الدستور (الليبرالي)، والمعارض المصري، عن مشاركته في ثورة يناير قائلًا: "أيام رأيت فيها أجمل ما في المصريين، ثورة شعب وطعم الحرية وتحقيق النصر".
#أنا_شاركت_في_ثورة_يناير، الهاشتاغ الذي أيده الاشتراكيون وشباب جماعة الإخوان وحركة شباب 6 إبريل المعارضة بقوة، جعل توقعات نشطاء مصريين تذهب إلى إمكانية عودة ثورة جديدة لمصر، ومنهم الشاعر المعارض، عبد الرحمن يوسف، الذي دون عبر صحفته بـ"فيسبوك": "ستزول الغمة قريبا، وسيحاسب كل من أجرم في حق الأمة المصرية العظيمة، وسنبدأ بتأسيس دولة يناير، دولة العدل والقانون قريبا بإذن الله تعالى". وافتخرت أسماء محفوظ، أحد ناشطات ثورة يناير، بأحداثها عبر صفحتها في "فيسبوك"، قائلة: "ثورة يناير هي أعظم شرف، وفخر لكل من شارك بها، ثورة على الفساد والظلم، ثورة على الحرامية (اللصوص).. ثورة على سلخانات (قمع) الداخلية، الثورة لسة (لم) مخلصتش (تنته) والله لاتيجي (تأتي) في يوم ونرجع نكملها".
وهذا الأمل بعودة الثورة، هو الذي يسيطر علي الناشط اليساري المعارض، عمر بدر، حيث دوّن قائلا: "كان عندي أمل أننا نبني وطنا جديدًا.. وطن نستحقه.. ولو رجعت بيا (بي) الأيام هشارك تاني وتالت".
وكتبت الناشطة هبه عبد الجواد، "لا تسمح لأحد أن يسخر من حلمنا في 2011، ويتعامل مع نزولنا 18 يومًا على أنها لعبة خضناها وكنا أضحوكة لمن استخدمنا ليصل إلى مصالحه"، مضيفة " فكرة ثورة يناير كانت فكرة مجنونة تستحق الفخر بها ورفضها من انضموا إليها فيما بعد، كل ما في الأمر أننا كنا ومازلنا في حاجة إلى بعض النضج وندفع ثمن بعض الأخطاء، وثمن الحرية غال، وبالتأكيد ندرك أن ما كان يصلح في 2011 ليس شرطاً يناسب 2016".
أما علي خفاجي، أحد شباب الإخوان، قال "الثورة غيرت فيّ كثيرا، وتعلمت منها أن أكون إنسانًا حرًا، سأحكي لأولادي عن مشاركتي في الثورة، ليقولوا هم لأولادهم أن جيلًا من الشباب حاول التغيير، فنجح وأخفق".
وقال أحمد محسن، أحد شباب الإخوان أنه كان في يوم 25 يناير، أول متظاهر يهتف في ميدان الحواتم بمحافظة الفيوم (وسط).
طارق الملط، أحد السياسيين المصريين، يتذكر عبر صفحته في "فيسبوك" مشاركته في ثورة يناير قائلا: "أراد الله أن أكون على سفر خارج مصر.. وكان موعد عودتي 28 يناير، ونتيجة إغلاق المطار حينها تأجلت عودتي ليوم 29 يناير، ومن يوم 30 يناير كنت متواجد يوميًا في التحرير حتى رحيل مبارك".
ويحلل الأكاديمي سعيد صادق، هذه الآمال، موضحًا أن إيقاظ مشاعر أحداث الثورة يعد "أمرًا طبيعيًا"، قبيل أيام من ذكراها الخامسة، غير أن 5 تحديات تواجه تلك المشاعر.
وأوضح تلك التحديات قائلًا: "مزاج شعبي غير ثوري، وليست هناك قوى سياسية بارزة تدعو كما كان من قبل أو وجوه بارزة تحرك مشهد التغيير، وهناك دولة عميقة مؤيدة للنظام الحالي، وليس كما حدث في عهدي الرئيس الأسبق حسني مبارك، ومحمد مرسي (أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا)، بجانب أن الوضع الإقليمي لا يريد ولا يتحمل ثورة جديدة بمصر، ووجود تيار مناهض لها في البرلمان ووسائل الإعلام".
ولفت إلى أن "الحرص على تكرار تجارب الماضي والانطلاق من أمثلة سابقة لن تجدي نفعًا، فلا يمكن أن تكرر تجربة التعبئة عبر منصات التواصل وتنجح مرة، ونريد أن تنجح مرة أخرى، وهناك تيار مناهض تعلم كيف نجحت المرة السابقة ويسعى لإحباطها".
وتدعو قوى رئيسية معارضة للسيسي، مثل "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" المؤيد لمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب، وجماعة الإخوان المسلمين، ومعارضين بارزين، إلى النزول في ذكرى ثورة يناير، لإسقاط النظام، فيما ترفض قوي مؤيدة للنظام الحاكم التظاهرات معتبرة إياها "تحريضًا على العنف"، وقالت وزارة الداخلية إنها استعدت بخطة موسعة للفعاليات المحتملة في الذكرى الأهم في تاريخ مصر، وفق مراقبين.
اقرأ أيضًا| الحكومة الإسرائيلية: "التحريض على الإرهاب" مسؤولية "فيسبوك"
التعليقات