بعد عمليات الحفر والبحث التي أجريت في مدينة 'البتراء' الواقعة جنوب الأردن، أعلنت دائرة الآثار العامة عن اكتشاف مسرح أثري ضخم، يدخل ضمن عجائب المدينة التي تتميز بوجود بنايات أثرية تحاكي تاريخها العريق، حيث تحتوي على الخزنة كما يسمونها أهل البتراء، لاعتقادهم أنها تضم كنزا بداخلها، وهو مكان تاريخي يبلغ عمره أكثر من ألفي عام، كما تضم دير البتراء الذي كان مكانا لإقامة الصلوات قديما، وجاء مسرح البتراء حتى يكون أحد أهم البنايات التاريخية بالمدينة.
ويعود تاريخ المسرح الأثري الذي يبلغ عمره أكثر من 2150 عام، إلى منتصف القرن الثاني ق م، لذلك يختلف كثيرا عن الأبنية الأثرية الأخرى التي توجد بمدينة البتراء، من حيث الشكل البنائي أو التصميم، وما يتضمنه من ملحقات داخلية، وكذلك التاريخ والمكان، حيث يقع أعلى هضبة صخرية توجد على بعد 800 متر من الجهة الجنوبية لمبنى الخزينة، التي تعد من أهم آثار مدينة البتراء.
وقد شيد المسرح الأثري على مساحة لا تقل عن 2700 متر مربع بل تزيد، وفقا لما رصدته صور الأقمار الاصطناعية، والمسح الأرضي الذي قامت به الطائرات الإلكترونية، ويضم التخطيط المعماري لمسرح البتراء واجهة رئيسية ضخمة بنيت من الصخور، تتكون من مدخل يبلغ ارتفاعه ثمانية أمتار، يتقدمه درج حجري يقع في منتصف مصطبة تمتد على جانبي الواجهة، يؤدي المدخل إلى ساحة داخلية منطقة الوسط، يحاذيها من جهتي الشمال والجنوب مجموعة أعمدة، يصل عددها في كل جانب ستة أعمدة، زخرفت بنقوش أثرية قديمة، يبلغ طول كل منها أكثر من 12 مترا، تتميز هذه الأعمدة عما توجد في البنايات التاريخية الأخرى بضخامة تكوينها، فهي تقترب في حجمها من الأعمدة المحيطة بمبنى الخزنة، تتوج نهاياتها بمجموعة من التيجان الصغيرة التي تتخذ أشكالا نباتية صغيرة، ترتكز على قواعد حجرية مربعة الشكل، يتخلل الأعمدة ما بين قواعدها ونهاياتها العلوية، رسومات عديدة يتخذ بعضها أشكالا هندسية مختلفة، ويتخذ البعض الآخر شكل الهلال.
ويوجد أعلى المدخل كتلة حجرية متدرجة تميل إلى الأمام، حيث يتقدم الدرج الأكثر اتساعا يليه الأقل ثم الأقل، يجاورها من الجانبين أعمدة صخرية صغيرة، ترتكز على مصاطب حجرية، يمتد العمود ليربط بين منتصف المدخل والكتلة الحجرية التي تعلوه، ويقترب الشكل الهندسي العام للمسرح الأثري من المسرح النبطي، يلي المدخل ممر يوجد على جانبيه جدران شيدت من الأحجار بعضها ضمن مستوى الجدار والبعض الآخر يبرز قليلا إلى الخارج، يؤدي إلى مساحة شاسعة تقع بمنتصف المسرح، كانت معدة لإجراء الاحتفالات، بحسب الصور التي رصدتها الأقمار الاصطناعية، ويطلق عليها المدرج الأكبر، تتكون من مدرجات متعاقبة، خصصت لتستوعب آلاف المحتفلين.
ويقع على جانبيه مدرجان آخران صغيران، لا يختلف تصميمهما المعماري عن تصميم المدرج الأكبر، يجاور أحدهما مبنى صغير يرتكز على مجموعة من الأعمدة، الجنوبية والشمالية منها أكبر طولا واتساعا، بينما الواقعة في منتصف المبنى يصل طولها أقل قليلا من نصف الأعمدة الجانبية، يعلوه سقف يمتد بين نهاياته الجانبية شريط زخرفي، يحتوي على رسومات ونقوش غير مفهومة، يرجعها المتخصصون إلى الحضارة النبطية التي وصلت إلى المملكة الأردنية منذ عام 312 ق.م، لكونها اشتهرت بهذه النوعية من الرسومات والزخارف، وكانت أساسية في بناياتهم حتى المدافن منها.
وتضم إحدى جدران المبنى الصغير نقوشا من حضارات مختلفة، مثل المصرية والهلينستية والنبطية، ويحتوي المبنى على غرف صغيرة مربعة الشكل، يقول عنها الخبراء إنها كانت مخصصة كاستراحات صغيرة للمحتفلين، يواجه المبنى من الجانب الآخر، مبنى آخر يتشابه معه في التصميم، ويحتوي بداخله نفس النقوش والزخارف وعدد الغرف، ولكن لم يكن معروفا لدى المكتشفين، فيما كانت تستخدم هذه الغرف.
اقرأ/ي أيضًا | مصر تسترد قطعتين أثريتين من إسرائيل
وقد استغرقت عمليات البحث في المدينة الأثرية أكثر من عامين، باستخدام وسائل عدة مثل المراقبة العلوية عبر الأقمار الاصطناعية، التي التقطت العديد من الصور الفوتوغرافية للمكان محل البحث، لتجاوز الوقت المحدد للعثور على الآثار، كما تم استخدام الطائرات بدون طيار وغيرها من الوسائل التي كانت تقوم بعمليات المسح الأرضي والميداني.
التعليقات