تحوّلات سريعة شهدتها الأسواق الماليّة العالميّة خلال النصف الأوّل 2024، في العديد من أسواق السلع والمؤشّرات والعملات المشفّرة، كسرت خلالها مستويات قياسيّة.
يأتي ذلك، بينما طغى الذكاء الاصطناعيّ على نموّ العديد من أسهم الشركات حول العالم، بصدارة السوق الأميركيّة، فيما وصلت العملة المشفّرة الأبرز بيتكوين إلى قمّة تاريخيّة هذا العام، قبل أن تتراجع لاحقًا.
وفي الولايات المتّحدة، صعد مؤشّر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 15.3 بالمئة إلى 5460 نقطة خلال النصف الأوّل من العام الجاري، مقارنة مع إغلاق نهاية 2023.
يأتي صعود المؤشّر الأميركي، مدعومًا بتحسّن معنويّات الشركات والمستثمرين، تجاه قيام الفيدراليّ الأميركي بخفض أسعار الفائدة خلال وقت لاحق من العام الجاري.
أمّا المؤشّر التكنولوجيّ ناسداك 100، فقد كسر قمّة تاريخيّة جديدة وصعد خلال النصف الأوّل بنسبة 19 بالمئة إلى 19.682 ألف نقطة، وسط دعم من عمالقة التكنولوجيا بصدارة إنفيديا وأبل ومايكروسوفت.
والشهر الماضي، تناوبت شركات مايكروسوفت وأبل وإنفيديا على صدارة أكبر الشركات المدرّجة حول العالم، بسبب ارتفاع أسعار أسهمها، قبل أن ينتهي النصف الأوّل بحلول مايكروسوفت كأكبر شركة عالميّة مدرّجة بقيمة سوقيّة تتجاوز 3.32 تريليونات دولار.
وخلال النصف الأوّل من العام الجاري، شهدت العملة الافتراضيّة الأبرز "بيتكوين"، عمليّات صعود قويّة ومتواصلة حتّى نهاية مايو/أيّار الماضي، قبل أن تتراجع قليلًا في يونيو 2024.
وبدأت بيتكوين تعاملات 2024، بسعر 44.6 ألف دولار للوحدة، وواصلت صعودًا من الاقتراب من تاريخ "بيتكوين هالفينغ" أو تنصيف بيتكوين والّذي حصل بتاريخ 20 أبريل/نيسان الماضي.
ويحدث تنصيف البيتكوين عندما تشهد مكافأة تعدين كتلة جديدة من البيتكوين تخفيضها إلى النصف، ويتمّ ذلك كلّ 4 سنوات.
وقد كتبت سياسة تنصيف البيتكوين تلك في خوارزميّة تعدين البيتكوين لمواجهة التضخّم من خلال الحفاظ على ندرة العملة المشفّرة والحفاظ على قيمتها السوقيّة.
ومن الناحية النظريّة، فإنّ انخفاض وتيرة إصدار بيتكوين يعني أنّ السعر سيرتفع إذا ظلّ الطلب على حاله، تطبيقًا لسياسة العرض والطلب.
وبحلول 20 مايو الماضي، وصلت بيتكوين إلى قمّة تاريخيّة غير مسبوقة، عند 71.4 ألف دولار للوحدة الواحدة، فيما كان أعلى سقف للعملة في نوفمبر/تشرين ثاني 2021، عند 67.8 ألف دولار.
وتذبذبت أسعار النفط الخامّ عالميًّا ضمن تغيّرات بقيمة 13 دولارًا لبرميل برنت، بين 77 - 90 دولارًا للبرميل، بناء على التغيّرات الجيوسياسيّة والفنّيّة الأخرى المرتبطة بقرارات تحالف أوبك+ والمزاج الاقتصاديّ العالميّ.
ولم تنجح 3 اجتماعات لتحالف أوبك+ خلال العام الجاري بإعادة أسعار النفط إلى المستهدفات البالغة قرابة 95 دولارًا للبرميل، إذ طغى التباطؤ الاقتصاديّ الجزئيّ في الصين وزيادة معروض النفط الأميركي على قرارات التحالف بتمديد اتّفاق خفض الإنتاج.
كذلك، فإنّ توتّرات الشرق الأوسط خاصّة الحرب الإسرائيليّة على غزّة وتصاعد التوتّرات بين تلّ أبيب وطهران، لم تصعد بأسعار النفط إلّا لأيّام قليلة، قبل أن تتفوّق ظروف العرض والطلب على التوتّرات الجيوسياسيّة.
وبنهاية يونيو الماضي، بلغ سعر برميل برنت تسليم سبتمبر/أيلول الماضي، نحو 84 دولارًا للبرميل، صعودًا من 71 دولارًا بنهاية تعاملات 2023.
وظلّ الذهب أحد الأصول المفضّلة في 2024، حيث حقّق عائدات بلغت حوالي 13 بالمئة في النصف الأوّل من العام الجاري مقارنة مع إغلاق آخر جلسات 2023.
وبلغ سعر أونصة الذهب بنهاية النصف الأوّل 2024، نحو 2335 دولارًا للأونصة، صعودًا من إغلاق آخر جلسة في 2023، البالغة حينها 2056 دولارًا.
وخلال وقت سابق من النصف الأوّل 2024، كسرت أسعار الذهب قمّة تاريخيّة غير مسبوقة عند 2453 دولارًا للأونصة، بتاريخ 20 مايو 2024.
ويعود ارتفاع الذهب في النصف الأوّل 2024، إلى التوتّرات الجيوسياسيّة في الشرق الأوسط، وتوقّعات التيسير النقديّ من جانب الفيدراليّ الأميركي في النصف الثاني من العام.
كما تلقّت أسعار الذهب دعما من زيادة البنوك المركزيّة لاحتياطيّات الذهب، والطلب القويّ من جانب سوق التجزئة الصينيّ، وارتفاع الديون الأميركيّة، كلّها عوامل ساهمت في هذا التقدّم الكبير في المعدن النفيس.
التعليقات