وجه وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، الأربعاء، انتقادات ضمنية لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، على خلفية التوتر في العلاقات بين الأخير وإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، وذلك في إطار زيارته إلى واشنطن عقد خلالها سلسلة من الاجتماعات مع المسؤولين في البيت الأبيض.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
وتحدث غالانت في ختام زيارته عن إحراز "تقدم ملحوظ" على صعيد حصول إسرائيل على مزيد من شحنات الأسلحة الأميركية بعد محادثاته مع مسؤولين كبار في واشنطن، فيما أفادت هيئة البث الإسرئيلية ("كان 11") بأن الهجوم العلني الذي شنه نتنياهو على إدارة بايدن أتى بـ"نتائج عكسية" وفاقم الأزمة مع البيت الأبيض بهذا الشأن.
وفي الآونة الأخيرة، اتهم نتنياهو إدارة بايدن بأنها تظهر تباطؤا في تسليم إسرائيل الأسلحة التي تحتاج إليها مع استمرار حربها على قطاع غزة المحاصر منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي؛ في موقف أثار استياء المسؤولين الأميركيين الذين نفوا ادعاءات نتنياهو مؤكدين ان واشنطن علقت فقط تسليم شحنة واحدة.
ونشر غالانت الذي يتواجد منذ أسبوع في واشنطن، مقطع فيديو باللغة الإنجليزية شكر فيه إدارة بايدن على دعمها لإسرائيل وأكد على أن الخلافات بين الجانبين يجب أن تحل في غرف مغلقة؛ وذلك على خلفية الأزمة التي خلقها الفيديو الذي نشره نتنياهو الأسبوع الماضي، والذي اتهم فيه إدارة بايدن بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيل.
وفي الأيام الأخيرة، أدلى نتنياهو بسلسلة من التصريحات، بما في ذلك في اللغة الإنجليزية، واتهم فيها الإدارة الأميركية بحجب عدد أكبر من المساعدات العسكرية لإسرائيل وادعى أن ذلك يمنع إسرائيل من تحقيق أهداف حربها على قطاع غزة، وسط اتهامات لنتنياهو بأنه يعمل على إطالة أمد الصراع للبقاء في السلطة.
"نحل الخلافات في غرف مغلقة"
وفي تصريحات صدرت عنه قبيل الاجتماع مع مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، وهو الاجتماع الأخير الذي يعقده في واشنطن، شدد غالانت على أن "الأهداف والغايات في الحرب (على غزة) مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة"، وأضاف أنه "أحيانا نختلف حول سبل تحقيقها. نحن نحل الخلافات في غرف مغلقة بطريقة مشتركة، وهذا أمر جيد".
بدوره، سارع نتنياهو بالرد على غالانت، وذلك في تصريحات أوردتها وسائل الإعلام الإسرائيلية نقلا عن "مقربين من رئيس الحكومة"، جاء فيها أنه "عندما لا يتم حل الخلافات (مع واشنطن) لأسابيع في الغرفة المغلقة، يحتاج رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى التحدث علنا لتحصيل ما يحتاجه مقاتلونا؛ وهذا ما حدث هذه المرة أيضًا".
ولفت غالانت، بحسب ما جاء في بيان صدر عن وزارة الأمن الإسرائيلية، إلى أنه عقد سلسلة طويلة من الاجتماعات مع نظيره الأميركي، لويد أوستن، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن، وغيرهم من المسؤولين في الإدارة الأميركية؛ وقال غالانت "هذه اللقاءات مهمة للغاية ونحن الآن في مرحلة التلخيص".
وتابع "سأدخل الآن للمشاركة في اجتماع مع مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، في البيت الأبيض، من أجل مناقشة سلسلة طويلة من الأمور كما يناقشها الأصدقاء؛ بما في ذلك لبنان وغزة وإيران، والقضايا المتعلقة بها وكذلك مسألة إمدادات الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل".
وأضاف "لدينا أهداف مشتركة، لدينا غايات مشتركة وأحيانا نختلف أيضا حول سبل تحقيقها. نحن نحل الخلافات في غرف مغلقة بطريقة مشتركة وهذا أمر جيد"؛ وفي تصريحاته باللغة الإنجليزية، شدد غالانت على أن "التحالف مع الولايات المتحدة هو أحد ركائز الأمن القومي الإسرائيلي.
وقال غالانت: "إننا نقدر الدعم العلني والسري الذي تلقيناه من الولايات المتحدة"؛ وأضاف أنه "يرى الشعب الإسرائيلي والشعب الأميركي كجزء من عائلة واحدة". واعتبر أنه "كما هو الحال في أي عائلة، هناك خلافات في بعض الأحيان، لكننا نحلها داخل المنزل ونبقى متحدين".
وادعى غالانت أن إسرائيل تدعم بشكل تام مقترح صفقة تبادل الأسرى الذي طرحه الرئيس بايدن في خطابه قبل بضعة أسابيع. وقال غالانت: "على حماس قبول الصفقة أو تحمل العواقب"، وأضاف "ملتزمون بإعادة جميع الرهائن إلى بيوتهم دون استثناء"، وذلك في ظل تصريح نتنياهو بأنه مستعد للوصول إلى اتفاق جزئي مع حماس لاستعادة عدد من الرهائن.
وزعم غالانت أن الحرب على غزة موجهة ضد حماس وليس ضد السكان المدنيين. وقال غالانت: "أنا شخصيًا ملتزم بإيصال المساعدات الإنسانية الأساسية إلى غزة. نحن لا نقاتل إلا من يحاول إيذاءنا"؛ علما بأن غالانت كان قد أعلن بنفسه عن إطباق الحصار على قطاع غزة في ظل الحرب ووصف الغزيين بـ"الحيوانات البشرية".
غانتس: نتنياهو يضر بالعلاقات الإستراتيجية مع واشنطن لأسباب سياسية
وفي بيان صدر عنه، اعتبر رئيس حزب "المعسكر الوطني"، بيني غانتس، الذي انسحب مؤخرا من حكومة الطوارئ الإسرائيلية بالتالي من "كابينيت الحرب" الذي أدار الحرب على غزة، أن "الوزير غالانت على حق. لقد قمنا خلال الأشهر القليلة الماضية بحل العديد من المشاكل مع أصدقائنا في الغرف المغلقة، بما في ذلك مسألة التسليح".
وأضاف "هذا ما فعلته خلال رحلتي إلى واشنطن في أوائل شهر آذار/ مارس الماضي، وهذا ما يفعله وزير غالانت في هذه الأثناء"، وتابع "الاحتكاك غير الضروري الذي يحدثه رئيس الحكومة لأسباب سياسية، قد يمنحه بعض النقاط لدى أنصاره، لكنه يضر بالعلاقة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة التي هي جزء لا يتجزأ من القدرات التي نمتلكها لكسب الحرب".
ماذا عن شحنة الذخيرة محل الخلاف؟
وفي أعقاب انتهاء الاجتماع الذي عقده غالانت مع سوليفان، أفادت مصادر مطلعة بأنه "جرى خلال اللقاء بحث سير القتال في قطاع غزة، وجهود إعادة الرهائن، وضرورة إعادة سكان الشمال إلى منازلهم، والتعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة في ما يتعلق بالتهديد الإيراني".
وصرّح غالانت بعيد اللقاء أنه "أحرزنا خلال الاجتماعات (التي عقدها مع المسؤولين الأميركيين في واشنطن) تقدما ملحوظا، وتم إزالة العراقيل ومعالجة مكامن الضعف بهدف الدفع قدما بجميع القضايا المطروحة، بما في ذلك مسألة إمدادات الأسلحة التي نحتاج إلى جلبها إلى إسرائيل".
بدورها، أفادت القناة 12 الإسرئيلية، في تقرير أوردته في نشرتها المسائية، بأن "إدارة بايدن أوضحت لنتنياهو أن "شحنة الأسلحة الأميركية الدقيقة التي جرى تعليقها، لن يتم تحويلها بالكامل إلى إسرائيل حتى بعد انتهاء العملية في رفح"، ورجحت القناة أن السبب الكامن وراء الموقف الأميركي هو الفيديو عممه نتنياهو وانتقد فيه إدارة بايدن.
وأشارت القناة إلى "مخاوف أميركية من أن يستخدم نتنياهو شحنات أسلحة إضافية إلى إسرائيل لفتح جبهة في الشمال" في إشارة إلى شن حرب واسعة ضد حزب الله في لبنان. وذكر التقرير أن تل أبيب حاولت طمأنة واشنطن عبر تقديم التزامات باستنفاد المسار الدبلوماسي قبل اللجوء للخيار العسكري.
وتابعت "بناء على ذلك، فإن التزامات إسرائيل تجاه واشنطن، من أجل الحصول على شحنات أسلحة إضافية، هي التفاوض على حل سياسي في لبنان مع انتهاء العملية العسكرية في رفح واستخدام الأسلحة بشكل ‘مدروس‘، بما يتلاءم مع المطلب الأميركي.
في المقابل، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية ("كان 11") نقلا عن مصادر مطلعة أن شحنة الذخيرة التي قررت إدارة بايدن تعليقها بسبب العملية العسكرية في رفح "لا تزال معلقة"، علما بأن واشنطن كانت قد أوقفت شحنة أسلحة إلى إسرائيل تتكون من 1800 قنبلة تزن الواحدة منها ألفي رطل (907 كيلوغرامات)، و1700 قنبلة، تزن الواحدة منها 500 رطل (نحو 227 كيلوغرامًا).
وقالت مصادر مطلعة إن الشحنة التي تم تعليقها تتضمّن ذخائر من صنع شركة بوينغ، تحوّل القنابل الغبية إلى قنابل دقيقة التوجيه، بالإضافة إلى قنابل صغيرة القطر (إس.دي.بي-1). وقنابل (إس.دي.بي-1) عبارة عن قنبلة انزلاقية دقيقة التوجيه، تحتوي على 250 رطلاً (نحو 113 كيلوغرامًا) من المتفجرات.
وبحسب "كان 11"، فإن الأزمة بين تل أبيب وواشنطن حول شحنة الذخيرة تشكلت بسبب الفيديو الذي نشره نتنياهو وهاجم من خلاله إدارة بايدن، وأدى إلى معارضة أميركية لإرسال شحنة تتضمن 3500 قطعة ذخيرة، بينها قنابل تزن نحو طن؛ وأفادت بأن هذه المسألة كانت في محور مباحثات بين المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين.
وأفادت "كان 11" بأنه خلال اللقاءات التي غالانت في الولايات المتحدة أجريت مناقشات معمقة بشأن المواجهات بين إسرائيل وحزب الله على جبهة لبنان، بحيث "تم التوصل إلى تفاهمات على الخط الذي ستحاول إسرائيل التوصل إلى تسوية حوله (مع حزب الله، عبر الوسطاء)".
واعتبرت القناة أن هناك "هناك علاقة مباشرة بين تزويد إسرائيل بشحنة الذخيرة (الأميركية المعلقة) وبين التسوية في الشمال. حزب الله يتابع كل خطوة في هذا الملف؛ وفي إسرائيل سيحاولون الاستفادة من الانتقال إلى المرحلة الثالثة في الحرب على غزة للتوصل إلى تسوية".
التعليقات