ليست الحرب قضية عسكريّة فحسب، ولا تكون العودة إليها عبر مطالعة الخطط العسكريّة والاستماع إلى ما يقوله الخبراء العسكريّون، ذلك جزء مهم من 'استخلاص العبر'، لكن الجزء الأهم يكون في العودة إلى الظروف التي هيَّأت للهزيمة، من انتصار محسوم للعرب قبل الحرب، إذ اعتقد كثيرون أن العائق الوحيد أمام تحرير فلسطين هو حالة اللاحرب بين إسرائيل والدول العربية، وأن المانع الوحيد لتحريرها هو عدم نشوب الحرب، في مقابل الخوف والذعر الإسرائيليين من أن العربَ سيرمونهم في بحر حيفا ويافا.
لم يصحُ العربي على الهزيمة العسكريّة فقط، بل استفاق على هزيمة عسكريّة، لا زالت آثارها ماثلة للعيان حتى الآن، إنها أزمة الإعلام، إعلام النكسة، الذي لا زلنا نستظل بظلّه، فحين كان الاحتلال الإسرائيلي يتقدّم في أرض الفيروز ويرتكب المجازر بحقّ أبنائها، ويعربد في القدس وسائر مدن الضفّة الغربيّة والجولان، كان الصحف العربيّة، تتحدّث عن أن القوات العربية احتلت النقب وتتقدّم نحو تل أبيب، وهو ما اتضح زيفه وكذبه، ظنّ إعلام النكسة (بالمناسبة، مصطلح 'نكسة' هو مصطلح مخفّف لأكبر هزيمة في تاريخ العرب الحديث، وضياع ما تبقّى من أرض فلسطين) أنه بتزييفه الواقع يحققُ حلمًا طال انتظاره، وهو تحرير فلسطين، لكنه لم يصنع حلمًا مستمدًا من الواقع، إنما صنع وهمًا، جاء بديلا عن الواقع، عن الضعف والوهن العربيّين، وعن استقواء إسرائيل وتمكّنها منّا.
في مقابل صناعة الوهم العربيّة كان الوضع مختلفًا في إسرائيل، فقد أصدر وزير الأمن الإسرائيلي حينها، موشيه دايان، في اليوم الأول للحرب، أمرًا لكافة وسائل الإعلام الإسرائيليّة بضرورة منع كتابة أيّة تطورات في الحرب، وهي احتلال جيشه الأرضَ العربيّة، في محاولة لمنع تدخل مجلس الأمن الدوليّ للحد من تقدّم جيش الاحتلال كما حصل أثناء العدوان الثلاثي على مصر.
يترككم موقع 'عرب 48' مع ما تداولته أبرز الصحف العربيّة والإسرائيلية قبل، أثناء وبعد النكسة، على أن ينشر، لاحقًا، يوميات الحرب في الصحف العربية والإسرائيلية كما وردت في تاريخها عام 67.
التعليقات