يحرص الكرملين الروسي دومًا، وهو المقر الرسمي للرئيس، فلاديمير بوتين، على الإشارة إلى حملته في سورية بـ'العمليات الجويّة'، بينما على الأرض، تقتصر المساندة على 'مستشارين عسكريين'، بيد أن هذا قد يبدو غير صحيح البتّة.
فقد كشف تلفزيون 'سكاي نيوز' البريطاني، اليوم الأربعاء، النقاب عن مقابلات أجراها مع ثلاثة مرتزقة روس سابقين في سورية، أرسلتهم شركة تجنيد خاصة تدعى 'فاغنر' من أجل القتال على الجبهات ضد المعارضة السورية وداعش، دون أن يتم تسجيلهم كمقاتلين في الجيش الروسي العامل هناك.
وادّعى الشبان الروس أن تكلفة الحرب القليلة، التي يتباها بها بوتين دومًا، مغايرة للواقع كثيرًا، فقد سقط عدد كبير من المرتزقة الروس قتلى، في مقابل مبلغ مادي ضخم مقارنة بالمعاشات المتردّية داخل روسيا، يصل إلى ما يقارب 4000 دولار أميركي شهريًا.
وقال أحد الشبان: 'التقيت رجالًا عسكريين يمثلون شركة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة، قالوا إنهم يلتمسون بعض المواهب العسكرية الخاصة لديّ، قدّموا لي عرضًا بالعمل، لم تكن معي نقود، وبالتالي، وافقت'، كما أضاف أن مئات غيره تقدّموا للتجنيد، إما عن طريق الاستدراج وإمّا عن طريق بعض الإعلانات الموجودة على الإنترنت.
ونص تلك الإعلانات في المواقع الروسية بأن شركة فاغنر تبحث عن أشخاص لائقين بدنيًا، ومستعدين للقتال مقابل نحو 4000 دولار في الشهر'.
ووفقًا للتقرير الذي بثّته 'سكاي نيوز' فقد سلّمت وزارة الدفاع الروسية الشركة جزءًا من قاعدة للقوات الخاصة في مولكيما، جنوبيّ روسيا، بهدف تدريب المجنّدين للتأهب للقتال، قال عنه أحد المرتزقة 'إنه كان مكثفًا جدًا، وشمل طرق استخدام السلاح والآليات، كالبنادق والمدفعية والصواريخ والدبّابات وناقلات الجنود المدرّعة'.
وبعد انتهاء التدريب، وفقًا للتقرير، فقد تم نقل المتدرّبين إلى قاعدة حميميم في اللاذقية، التي أصبحت القاعدة الروسية الأهم في سورية ومقرًا لعملياتها، إذ قال المرتزق ألكساندر إن عدد المقاتلين الذين نقلوا معه تجاوز الـ564 مقاتلًا روسيًا، كانوا موزعين بين الاستطلاع والدفاع الجوي والدفاع والدبابات والمدفعية الثقيلة.
في حين قال مرتزق آخر للقناة إنه لم تكن لديه أيّة تجربة قتالية قبل وصوله القاعدة، وكان ضمن وحدة ضمّت 900 مقاتل، وضعوا بعد وصولهم في شاحنات، قائلًا 'إن المشهد كان مخيفًا'.
وبعد انتقالهم إلى المعارك، قال ألكساندر إنه تم الإلقاء به ككبش فداء في المعارك الدائرة بمدينة تدمر (حمص)، إذ وجدوا أنفسهم في مهمات قتالية وكأنهم 'قطع من اللحم ألقيت لكلاب جائعة'؛ وبالفعل، فقد أعلن داعش يومها أنه قتل خمسة من الروس، وبثّ لقطات تظهر بعض عتادهم، بالإضافة إلى صور من الهاتف، بعضها أثناء تدريبهم في أوكرانيا.
وبعد أسابيع من القتال، عاد ألكساندر إلى بلاده زاعمًا أن أكثر من 500 مرتزق روسي قد عادوا كذلك، بينما أبلغهم مسؤول روسي أن الآخرين لن يعودوا أبدًا، فقد لقوا حتفهم.
اقرأ/ي أيضًا | خسائر فادحة للجيش الروسي جراء هجوم لداعش
لكن حياتهم بعد العودة لم تكن بهذه السهولة، إذ يعتقل كل من هرب من ساحة المعارك فور وصوله إلى بلاده وتسلب منه الوثائق التي تعرّفه، كي يبقى وحيدًا في بيته، فعليهم إذًا أن يختاروا، بين الموت في جحيم سورية أو العودة بلا هويّة إلى روسيا.
التعليقات