يتوجه الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع بعد غد، الجمعة، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية الإسلامية من بين ستة مرشحين أحدهم نائب إصلاحي لم يكن معروفًا على نطاق واسع ويأمل في تحقيق اختراق على الرغم من هيمنة المحافظين.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
وكانت الانتخابات الرئاسية مقررة في ربيع 2025، لكن تم تقديمها إلى 28 حزيران/يونيو بعد مصرع الرئيس إبراهيم رئيسي وسبعة مرافقين له أبرزهم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان في تحطم مروحية بشمال غرب البلاد في 19 أيار/مايو.
ويُقام هذا الاقتراع في سياق دقيق بالنسبة للجمهورية الإسلامية التي تواجه توترات داخلية وأزمات جيوسياسية من الحرب على غزة إلى الملف النووي، وذلك قبل خمسة أشهر فقط من الانتخابات الرئاسية المقررة في الولايات المتحدة.
والمرشحون الستة هم من أقر أهليتهم مجلس صيانة الدستور وهو هيئة غير منتخبة يهيمن عليها المحافظون، من بين 80 قدموا طلبات ترشيح.
ويحظى ثلاثة من هؤلاء المرشّحين بفرص أفضل للفوز وهم الرئيس المحافظ للبرلمان محمد باقر قاليباف والمحافظ المتشدّد سعيد جليلي الذي قاد التفاوض مع القوى الكبرى بشأن الملف النووي والنائب الإصلاحي مسعود بازشكيان.
وقد تؤدي هذه المنافسة إلى إجراء جولة ثانية، وهو ما لم تشهده الجمهورية الإسلامية منذ قيامها قبل 45 عامًا إلّا مرة واحدة في الانتخابات الرئاسية للعام 2005.
إبان الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جرت في العام 2021، رفض مجلس صيانة الدستور طلبات العديد من المتقدّمين الإصلاحيين والمعتدلين، الأمر الذي سهَّل انتخاب إبراهيم رئيسي الذي كان مرشّح المعسكر المحافظ وخلف الرئيس المعتدل حسن روحاني.
وبلغت نسبة المشاركة في تلك الانتخابات 49%، وهو أدنى معدّل مشاركة في الانتخابات الرئاسية منذ انتصار الثورة الإسلامية في العام 1979.
ودعا المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، الثلاثاء إلى "مشاركة مرتفعة".
غير أن البعض يرى أن الانتخابات "لن تغيّر شيئا" مثل المهندسة ندى في حيّ تجريش في شمال طهران. وتقول "من المستحيل أن أصوّت (...) لأنه بغض النظر عمّن سيُنتخب، لن يُغيّر ذلك شيئًا بالنسبة للشعب".
أمّا جاليه (60 عامًا) وهي ربّة منزل، فتؤكّد استعدادها "للتصويت هذا العام" بصفته "واجبا" في ظلّ "الكثير من الملفات (العالقة) مثل البطالة أو الفقر".
ويعتبر خبير الشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز أن على الرئيس المقبل مواجهة "التحدي المتمثل في اتساع الفجوة بين الدولة والمجتمع". ولم يطرح أي مرشح حتى اللحظة "خطّة ملموسة لحلّ المشاكل" وفق قوله.
وسبق أن أكّد الإصلاحي مسعود بازشكيان (69 عامًا) إمكانية "تحسين" جزء من المشاكل التي يواجهها سكان إيران البالغ عددهم 85 مليونا.
لكن بالنسبة لبعض المقترعين، يفتقر هذا الطبيب النائب في مجلس الشورى، للخبرة في الحكم فهو لم يشغل سوى منصب وزير الصحة قبل نحو عشرين عامًا.
بخلافه، يتمتّع محمد باقر قاليباف (62 عامًا) بخبرة سياسية واسعة بعد أن عمل ضمن الحرس الثوري الإيراني.
ويقول علي رضا فالادخاني وهو مستشار يبلغ من العمر 35 عامًا "سأصوّت لقاليباف لأنه مدير حكيم وقائد لقوات الحرس الثوري في آن معًا" وذلك جيّد "لأمن" البلد.
أمّا المرشح سعيد جليلي (58 عامًا) الذي فقد ساقه خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، فهو يتبنى سياسة عدم المرونة في مواجهة الدول الغربية.
وفي المقابل، يدعو مسعود بازشكيان إلى تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا من أجل رفع العقوبات التي تؤثر بشدة على الاقتصاد الإيراني. ويحظى بدعم من وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف مهندس الاتفاق النووي المبرم مع القوى الدولية الكبرى في العام 2015.
وكان بازشكيان قد انتقد افتقار السلطات للشفافية في قضية مهسا أميني، الشابة التي أثارت وفاتها أثناء توقيفها على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية، حركة احتجاجات واسعة في أواخر العام 2022.
وقال بازشكيان "منذ 40 عامًا، نعمل على السيطرة على وضع الحجاب، لكننا زدنا الوضع سوءًا".
وتبنى معظم المرشحين الآخرين نبرة حذرة أكثر بشأن هذا الملف، معلنين أنهم يعارضون نشر شرطة الأخلاق.
وواحدة من النتائج المؤكدة للانتخابات هي أن الرئيس المقبل سيكون مدنيًا وليس رجل دين مثل الرئيسين السابقَين حسن روحاني وإبراهيم رئيسي.
لذلك لا يمكن اعتباره خلفًا محتملا لعلي خامنئي البالغ من العمر 85 عامًا والذي يشغل منصب المرشد الأعلى منذ 35 عامًا.
التعليقات